…قال: "ويشبه مسألة الحوالة مسألة الوديعة التي تقع كثيراً فإن بعض البنوك قد تزيد للمودع شيئاً على ماله المودع فيها وما قد يقع منه بلا شرط فهو يشبه الواقعة إلا أن يقال أن الوديعة أشبه بالقرض أو الدين منها بالأمانة لأن أهل البنك يتصرفون بالمال ويردون غيره والعرف يقوم مقام العقد في ذلك وقد صرح غير واحد من الفقهاء بأن كل قرض جر نفعاً للمقروض فهو ربا.. إلى أن قال: "فمن اعتقد ذلك حرم عليه"(١). أي أن الشيخ رشيد يجعل الحل والحرمة متوقفين على اعتقاد واضع المال في البنك لا على النصوص الشرعية. وضرب مثالاً فقال: "مثال ذلك أن من أعطى البنك ألفاً على أن له في المائة ثلاثة في السنة ثم طلب قبل انقضاء السنة خمسة بالمائة فإن البنك يعطيه إياها على أن له ستاً في المائة أو أكثر أو أقل قليلاً وكلُّ ذلك يجري بعقود مكتوبة. أما الودائع فيعطي البنك بها وصلاً للمودع يشبهها أنها من قبيل القرض الذي جر نفعاً، وهي ضعيفة في الحوالة قوية في الوديعة. على أن الفقهاء لا سيما الحنفية قد شددوا في مثل ذلك ويعدون كل ما يؤخذ بلا مقابل ربا فمن اعتقد ذلك حرم عليه الأخذ. وقال: "وإذا رجعنا إلى الدليل رأينا أن حديث (كل دين جر نفعاً) الخ ضعيف كما سيأتي عن نيل الأوطار، بل قال الفيوزآبادي إنه موضوع. ولكن في الباب أحاديث أخرى وآثار تفيد في إنارة المسألة"(٢).

(١) مجلة المنار، م١٠، ٥/٣٦١.
(٢) مجلة المنار، م١٠، ٥/٣٦٢.


الصفحة التالية
Icon