…وهذا قول باطل أيضاً لأن تحريم الربا ربط بالإيمان كما سبق أن بيّنا. ولأنه جعل الحل والحرمة لاطمئنان الأشخاص لا للنصوص الصادرة من الوحي(١). وأما الربا في دار الحرب فيحرم فيها كتحريمه في دار الإسلام سواء بسواء(٢). لأن النصوص حرمت الربا دون تحديد مكان للتحريم ولا زمان، ولا إقامة دولة. وغياب دولة الإسلام المنوط بها تطبيق الأحكام وإيقاع العقوبات على المخالفين لا يسوغ فعل الموبقات. وإباحته في دار الحرب يحتاج إلى دليل من الوحي. ولم يرد حسب علمنا فيرد قول الشيخ رشيد ويعد من الشوائب.
…وأكتفي بهذا القدر من شوائب التفسير عند الشيخ رشيد رضا في موضوع إباحة الربا دون الأضعاف المضاعفة وفي الترخيص لإنشاء بنوك ربوية على أساسه، وإن كانت هذه الشوائب غيضاً من فيض إلا أنها معبرة وكافية حسب تقديري في الدلالة على هذه الشوائب.
طنطاوي جوهري والربا في تفسيره:

(١) قوله تعالى: ﴿ وَحَرَّمَ الرِّبَا ﴾ (البقرة: من الآية ٢٧٥). وقوله: ﴿ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ﴾ (البقرة: من الآية ٢٧٥)، وقوله: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا ﴾ (البقرة: من الآية ٢٧٨). وقوله - ﷺ -: (لا ربا إلا في النسيئة) رواه البخاري ومسلم، وقوله - ﷺ -: (الذهب بالذهب والفضة بالفضة.. فمن زاد أو ازداد فقد أربى) رواه البخاري ومسلم.
(٢) انظر المسألة في المغني والشرح الكبير لابن قدامة، محمد بن عبد الله بن أحمد (موفق الدين أبو محمد)، ٤/١٦٢، ١٦٣.


الصفحة التالية
Icon