…قال: "وأحل الله البيع وحرم الربا، وترك الأمر ولم يبيّن إلا الحكم وحده تاركاً لعقولنا التفصيل مع الوقوف عند النص فلنبيّن الحكمة التي قالوها أولاً ثم نتبع ذلك بما يكون من الربا ثم نذكر مذاهب الاشتراكية"(١).
…وقال: "الربا حرام وإنما حرم لسر ظهر في هذا الزمان وذلك السر عرفه علماء الإسلام قديماً ولكن لم ينفذ فعلاً إلا على يد البولشفيك فاقرأ ذلك في آية الربا في سورة البقرة. فقد اتفقت أدلتهم مع أدلة الإسلام على أن المرابي لم ينفع الإنسانية بعمل ما هذا سره"(٢).
…وقال طنطاوي جوهري: "وهنا ننظر ونقول: الربا حرام، ولكن هذا الحرام جعل سبباً في تخريب بلاد المسلمين ولو أن الربا أخذ لدولتنا، وسدت به ديون دولتنا للإفرنجة، الذين يحيطون بنا لكان ذلك واجباً لا جائزاً فقط. ولو أن الربا أخذ منهم وأعطي للفقراء والمساكين والذين لا يجدون صناعة يعيشون بها، فيشتري بها آلات للزراعة مثلاً لكان ذلك من باب الاضطرار في المسألتين. فهذا اضطرار يبيح هذا المحظور مؤقتاً(٣).
تفنيد أقوال طنطاوي جوهري في إباحة الربا:
جعل الشيخ جوهري مهمة بيان القرآن وتفصيله للعقل وليس للغة ولا للشرع. وهذا باطل من الشوائب. فالبيان للقرآن وللسنة وللغة هو في زمان الاحتجاج كما مرّ معنا سابقاً. والعقل ليس له إلا الفهم على أساس الشرع، وبالقدر الذي يحتمله منطوق ومفهوم النصوص.
جعل الحكمة من تحريم الربا موكولة للعقل كذلك، وهذه شائبة. لأن الحكمة ينبغي أن تؤخذ من النصوص فحسب.
ربط بين الإسلام والاشتراكية ربطاً غير موفق لأنه يجمع المتناقضات، فالأول من الخالق والثاني من المخلوق، ثم ما هذا الهراء أن سر حرمة الربا لم يظهر إلا على أيدي البلشفيك؟!

(١) الجواهر في تفسير القرآن، طنطاوي جوهري، م١، ١/٢٧٢.
(٢) الجواهر في تفسير القرآن، طنطاوي جوهري، م٥، ٩/١٩٢-١٩٣.
(٣) الجواهر في تفسير القرآن، طنطاوي جوهري، م٥، ٩/١٩٣.


الصفحة التالية
Icon