…وقال عند تفسيره قوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ﴾ (١): "الضمير في الآية يراد به المقترضون بالربا الذين يأكلون هذا المال المقترض ويستهلكونه في الأمر أو الأمور التي اقترضوا من أجلها، ويسند هذا الرأي أن المُقرِض –وهو المرابي- لا يأكل المال الذي أقرضه بالربا، ولا يستهلكه، وهذا ما ينطق به ظاهر اللفظ ﴿ يَأْكُلُونَ ﴾ والحمل على الظاهر أولي. ولا يصار إلى غيره إلا عندما لا يكون للظاهر وجه مقبول، هذا من جهة. ومن جهة أخرى فإننا لو نظرنا في الصورة كلها على هذا الوجه، لبدا لنا أن آكلي الربا، وهم المقترضون قد أرهقهم الدين، وأثقلهم حمله، وأنهم أصبحوا في يد المرابي كالسمكة في شبكة الصياد، كلما ضربت برأسها وذنبها في الشبكة لتجد طريقاً إلى الخلاص كلما اشتد ضغط الشبكة عليها وإمساكها بها. فالمقترض بالربا قد علقت به حبائل المرابي، وكلما أراد أن يفلت من يده، ويتخفف من الدين الذي أثقله به كلما ازداد إحكام يده عليه، وتضاعف الدين الذي كان ينوء به، والصورة التي رسمها القرآن الكريم لآكلي الربا من المقترضين أحكم إحكاماً، وأروع روعة من كل صورة تكشف عن حال هؤلاء المقترضين وسوء المصير الذي يتخبطون فيه"(٢).
…وهكذا يورد الدكتور الخطيب الأمور منكوسة. لأن آكل الربا هو الذي ينمي ماله بالربا. فكسبه سحت والمراد بآكل الربا هنا: المتعامل به حسبما ذهب إليه المفسرون كافة.
(٢) التفسير القرآني للقرآن، م٢، ٣/٣٥١.