القمار الذي ترجع جميع أنواعه إلى كونها من أكل أموال الناس بالباطل"(١).
…ثم انتقل الشيخ للخمرة المقرونة بالميسر وقال إن إثمها أكبر من نفعها وعرج على أنها تورث العداوة والبغضاء وتصد عن ذكر الله وعن الصلاة. وأن هذا ظاهر في ميسر العرب وفي جميع أنواع القمار المعروفة في عصرنا إلا ما يسمونه اليانصيب فإنه على كونه ميسراً لا شك فيه لا يظهر جميع مفاسده في بعض أنواعه(٢). ثم فصل هذا الإجمال فقال: "وأما كون هذا النوع لا يظهر فيه ما في سائر الأنواع من ضرر العداوة والبغضاء والصد عن ذكر الله وعن الصلاة فلأن دافعي المال فيه لا يجتمعون عند السحب. وقد يكونون في بلاد أو أقطار بعيدة عن موضعه ولا يعملون له عملاً آخر فيشغلهم عن الصلاة أو ذكر الله تعالى كقمار الموائد المشهورة. ولا يعرف الخاسر منهم فرداً أو أفراداً أكلوا ماله فيبغضهم ويعاديهم كميسر العرب وقمار الموائد ونحوه، وكثيراً ما يجعل (اليانصيب) لمصلحة عامة كإنشاء المستشفيات والمدارس الخيرية وإعانة الفقراء، أو مصلحة دولية ولا سيما الإعانات الحربية. والحكومات التي تحرم القمار تبيح (اليانصيب) الخاص بالأعمال الخيرية العامة أو الدولية. ولكن فيه مضار القمار الأخرى وأظهرها أنه طريق لأكل أموال الناس بالباطل أي بغير عوض حقيقي من عين أو منفعة. وهذا محرم بنص القرآن كما تقدم في محله(٣). وقد يقال إن المال يبنى به مستشفى لمعالجة المرضى، أو مدرسة لتعليم أولاد الفقراء أو ملجأ لتربية اللقطاء لا يظهر فيه معنى أكل أموال الناس بالباطل إلا في آخذ ربح النمر الرابحة دون آخذي بقية المال من جمعية أو حكومة وهو على كل حال ليس فيه عداوة ولا بغضاء لأحد معين كالذي كان يغرم ثمن الجزور عند العرب، وليس فيه صد عن ذكر الله وعن

(١) تفسير المنار، ٢/٣٢٥.
(٢) تفسير المنار، ٢/٣٢٩.
(٣) تفسير المنار، ٢/٣٣٠، وانظر مجلة المنار م٣٤، ٦/٤٤٦، أي قبل وفاة الشيخ رشيد بعام واحد.


الصفحة التالية
Icon