…وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - ﷺ - قال: (لعن الله اليهود، حرمت عليهم الشحوم، فباعوها وأكلوا أثمانها، وأن الله إذا حرم على قوم أكل شيء حرم عليهم ثمنه) (١). وهذه النصوص الشرعية في التحريم غير معللة ولا يوجد نص شرعي آخر يعللها فتبقى بدون علة، ولا يلتمس منافع أو مضار للتحريم ولا للتحليل لأن دوران الأحكام على النصوص منطوقاً ومفهوماً، وعليه فتحريم الميسر تحريم للانتفاع من ماله سواء أكان للأفراد أم للجمعيات أم لبناء مساجد أو مستشفيات، وسواء كان لرصف الشوارع أو لعمل المجاري. فالكسب الحرام النار أولى به ولا يجوز التبرع به للجهاد ولا لغيره من الفروض والطاعات أو المباحات وصدق رسول الله - ﷺ - حيث يقول: (ليأتين على الناس زمان لا يبالي المرء بما أخذ المال أمِنَ الحلال أم الحرام) (٢).
ثامناً: قاعدة الشيخ رشيد "زعم سلب الله منافع الخمر والميسر بتحريمهما" قول غير معقول ولا دليل عليه، بل الحسّ ينبذه ولا حاجة إليه في التنفير من الجريمتين بعدما بين الله تعالى الأصل في التنفير بقوله: ﴿ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا ﴾ (٣).
(٢) رواه البخاري، الحديث ٢٨٨٣ فتح الباري عن أبي هريرة رضي الله عنه، كتاب البيوع، باب ٢٣، ٤/٣١٣. وانظر الحديث ٢٠٥٩ كتاب البيوع، باب ٧، ٤/٢٩٦، فتح الباري شرح صحيح البخاري.
(٣) سورة البقرة، آية ٢١٩، والقول من تفسير المنار، ٢/٣٣٢.