عاشراً: قاعدة ارتكاب أخف الضررين إذا كان لا بد منهما. من يحاول الربط بين هذه القاعدة وبين حل الميسر لا يجد بينهما أدنى علاقة. فالإقدام على ما يغضب الرب بما جاء قطعياً في ثبوته وفي دلالته جريمة لا يسوغها قاعدة ارتكاب أخف الضررين ونسأل الله أن لا نكون ممن قال الرسول - ﷺ - عنهم: (إن الله عز وجل يبغض البليغ من الرجال الذي يتخلل بلسانه كما تخلل الباقرة بلسانها) (١). وفي رواية أبي هريرة قال، قال رسول الله - ﷺ -: من تعلم صرف الكلام ليسبي به قلوب الرجال أو الناس لم يقبل الله منه يوم القيامة صرفاً ولا عدلاً) (٢). وتقدير قول الرسول - ﷺ - يتخلل الكلام بلسانه. والباقرة: البقرة. والتقدير الكلأ بلسانها. وهل يراد بقاعدة أخلف الضررين في حل الميسر هو ضرر الإثم، هو أقل وأهون وأخف من زوال الربح المادي من اليانصيب. اللهم إن صرف الكلام هذا من الشوائب نبرأ إليك منه.

(١) رواه أبو داود، ٩٥ باب ما جاء في التشدق (المتشدق) في الكلام، الحديث ٢٩٨٤، م١٣، ص ٣٤٩، عون المعبود شرح سنن أبي داود – طبعة دار الفكر. ورواه أحمد في مسنده برقم ٦٥٥٤، ٢/٥٦٥ ورواه الترمذي في سننه باب ١٠٥ ما جاء في الفصاحة والبيان، حديث ٣٠١١ وقال عنه حديث حسن غريب من هذا الوجه. وفي الباب عن سعد ٤/٢١٩. طبعة دار الفكر. (أبواب الاستئذان والآداب) ورواه ابن منظور في لسان العرب قال ابن الأثير: هو الذي يتشدق في الكلام ويفخم به لسانه ويلفه كما تلف البقرة الكلأ بلسانها لفا: ١١/٢٢٠. وأورده السيوطي في جمع الجوامع الحديث ٤٩٩٠.
(٢) عون المعبود، شرح سنن أبي داود، محمد شمس الحق العظيم أبادي، م١٣، ص ٣٤٨.


الصفحة التالية
Icon