جعل أصحاب المنار الضرر الناجم عن تعدد الزوجات في عصرهم سبباً في منع تعدده. وهو بحث عقلي محض لا يتفق مع النص الذي هم بصدد تفسيره، حيث جعل النص خوف الأزواج من القسط في نكاح اليتامى أن يتوجهوا للزواج من غيرهن مبتدئاً بالمثنى ومنتهياً بالرباع، والأصل أن يكون التعدد حسب النص لا المنع الذي انتحلوه(١).
(١) لقد تتبعت تفسير الآية فيما يربو على خمسة وعشرين تفسيراً من تفاسير ما قبل القرن العشرين فوجدتها مجتمعة على أن الأصل في الزواج في الإسلام هو التعدد، ولا يصار إلى الزوجة الواحدة إلا في حالة غلبة ظن الزوج أن يقع في الظلم فلا يعدل بين زوجاته فيما هو من مقدوره وضمن طاقته وهو السكن والنفقة والقسم واللباس والمنام. وأما الحب والوطء فقد خبرت عنه آية (٢٩) من سورة النساء أنه ليس في مقدور البشر. بل جاء التخيير لمن يعجز عن العدل في التعدد إلى نكاح امرأة واحدة مضافاً إليها ملك اليمين بدون تحديد بعدد على اعتبار أن ]أو[ بمعنى الواو. ومن قال إنه للتخيير وليس للجمع بمعنى الواو وخير بين نكاح الحرة الواحدة وبين التسري بملك اليمين بلا عدد محدد لأنه لا يلزمه العدل بينهن في شيء مما هو من حقوق الزوجية.