قالوا: إن النص القطعي في القرآن إنما ورد بالنهي عن نكاح المشركات وإنكاح المشركين، ويحل نكاح المحصنات من أهل الكتاب، ولم يصرح بتحريم إنكاحهم، وأن التحقيق أن المشركين والمشركات في آية البقرة خاص بالعرب منهم أعني قوله تعالى: ﴿ وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ ﴾ (١) وقالوا: وجملة القول أن هؤلاء الذين أشركوا وهم الذين بينكم وبينهم غاية الخلاف والتباين في الاعتقاد لا يجوز لكم أن تتصلوا بهم برابطة الصهر لا بتزويجهم ولا بالتزوّج منهم، وأما الكتابيات فقد جاء في سورة المائدة أنهن حل لنا، وسكت هناك عن تزويج الكتابي بالمسلمة. وقالوا ورضيه الأستاذ الإمام – إنه على أصل المنع وأيدوه بالسنة والإجماع. ولكن قد يقال إن الأصل الإباحة في الجميع فجاء النص بتحريم المشركين والمشركات تغليظاً لأمر الشرك ويحل الكتابيات تألفاً لأهل الكتاب.. وأما تزويجهم بالمؤمنات فلا تظهر منه مثل هذه الفائدة.. فقد يصح أن يكون هذا هو المراد من النص في السورتين، وإذا قامت بعد ذلك أدلة من السنة أو الإجماع أو من التعليل الآتي لمنع مناكحة أهل الشرك على تحريم تزويج الكتابي بالمسلمة فلها حكمها لا عملاً بالأصل أو نص الكتاب بل عملاً بهذه الأدلة"(٢).

(١) سورة البقرة، آية ٢٢١.
(٢) رضا، محمد رشيد، تفسير المنار، م٢، ٣٥١.


الصفحة التالية
Icon