وقال الشيخ رشيد في رد الإجماع: "وإن ابن جرير ذكر وروى عن قتادة أن لفظ المشركين في آية ﴿ وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ ﴾ (١) يشمل أهل الكتاب ولم يذكر مخالفاً فعدم ذكره مخالفاً دال على الإجماع"(٢). وقال: "وإنما الحجة إجماعهم على أمر ديني(٣).
ذكر التعليل أنه الخيرية في قوله تعالى ﴿ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ ﴾ (٤) أي خيرية المؤمن على المشرك وقال: "فكان في التعبير بالأمة والعبد إشارة بعلة الخيرية – والمشركة ليس لها دين يحرم الخيانة فهي موكولة إلى طبيعتها وهو خرافات الوثنية وأوهامها، وأماني الشياطين وأحلامها. وأما الكتابية فليس بينها وبين المؤمن كبير مباينة فإنها تؤمن بالله وتعبده، وتؤمن بالأنبياء وبالحياة الأخرى. وقد يقال إن هذه العلة في تحريم مناكحة المشركين متحققة في الكتابيات ولهذا ذهب بعض الشيعة إلى تحريم نكاح الكتابيين(٥). ثم عقد مقارنة بين أهل الكتاب وبين المسلمين وصورهم بصورة واحدة من البعد عن الله حتى أن بعض المسلمين من يصرح بتحريم العمل بالقرآن(٦). وعقب على كلامه بقوله (فإذا كان الفرق بيننا وبين أهل الكتاب يشبه الفرق بين الموحدين المخلصين العاملين بالكتاب والسنة وبين المبتدعة الذين انحرفوا عن الكتاب والسنة فكيف يكون أهل الكتاب كالمشركين في حكم الله تعالى؟ والجملة أن ما عليه الكتابية من الباطل هو مخالف لأصل دينها وقد عرض لها ولقومها بشبه ضعيفة. وأما ما نراه من التباين بين المسلمين وأهل الكتاب الآن فسببه سياسة الملوك والرؤساء. ولو أقمنا الكتاب وأقاموه لتقاربنا ورجعنا جميعاً إلى الأصل الذي أرشدنا إليه القرآن العزيز. ولا يخفى أن هذا

(١) سورة البقرة، آية ٢٢١.
(٢) مجلة المنار، م٢٥، ٣/٢٢٢. وانظر تفسير المنار، ٢/٣٥٢.
(٣) مجلة المنار، م٢٥، ٣/٢٢٧.
(٤) سورة البقرة، الآية ٢٢١.
(٥) تفسير المنار، ٢/٣٥٥.
(٦) تفسير المنار، ٢/٣٥٦.


الصفحة التالية
Icon