وَالَّذينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ } (١). وقال: ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ ﴾ (٢). وفي أحكام الردة أجمع الفقهاء على إنهاء زواج المسلمة من المرتد أياً كان دينه الذي صبأ إليه وثنياً كان أم كتابياً. واختلفوا هل هو فسخ أو طلاق، وأنه لا توارث بينهما ولا نفقة. وتتوقف كل الوشائح والصلات بينهما. وتحريم زواج المسلمة من غير المسلم من بدهيات الإسلام ومن المعلوم من الدين بالضرورة. وهي من المسائل القطعية التي لا يجوز فيها الاجتهاد. قال الشافعي: (نساء المؤمنين محرمات على الكفار) (٣). وإن كان سبب نزول آية الممتحنة رد نساء مؤمنات بعولتهن مشركون إلا أن اللفظ ورد باسم (الكفار) وهو لفظ عام فيشمل جميع أصناف الكفار، كتابيين ومشركين على حد سواء لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب كما هو مقرر في أصول الفقه.
إن نفي حكم قطعي في العقائد والأحكام جريمته في الشرع واحدة. ويخرج من الملة، فمنكر الألوهية أو منكر حكم الربا أو الميسر أو رجم الزاني المحصن سواء في الكفر. ومن ينكر القرآن كله، ومن ينكر آية واحدة منه فحكمه واحد وهو الخروج من دين الإسلام. ولذلك لا وجه لقول الشيخ رشيد: "فلا مبرر لاستعظام نص أصولي قطعي في حكم شرعي عملي لأنه من الأمور الشخصية وهو استعظام لما ليس بعظيم في نفسه".

(١) سورة الأنفال، آية ٧٣.
(٢) سورة التوبة، آية ٧١.
(٣) انظر كتاب الأم للشافعي ٥/٧. وانظر أحكام القرآن للشافعي، ٢٠٤، طبعة دار إحياء العلوم (بيروت) وانظر تفسير القرطبي، سورة الممتحنة ٨/٦٧. وانظر تفسير الطبري، م١٤، ٢٨/٦٩ وغيرها.


الصفحة التالية
Icon