…قال الشاطبي(١): "إن هذه الشريعة المباركة عربية لا مدخل فيها للألسن العجمة "(٢). وقال :" وإنما البحث المقصود هنا أن القرآن نزل بلسان العرب على الجملة فطلب فهمه إنما يكون من هذه الطريقة خاصة"(٣). ولهذا دعا عمر ابن الخطاب وابن عباس - رضي الله عنه - للوقوف والإحاطة بديوان العرب "الشعر". ثم صار للقرآن فضل عظيم في حفظ هذه اللغة من الاندثار. فحفظها والمحافظة عليها عبادة لحفظ معنى القرآن الكريم. ثم جاء علماء المسلمين فوضعوا قواعد وضوابط لحفظ هذه اللغة ومنها قواعد النحو والصرف وعلوم البلاغة والاشتقاق والتعريب لحفظها ونموها. وأدخلوا علوم العربية في علوم القرآن أصالة لا تبعاً كما فعل صاحب البرهان وصاحب الإتقان، وكما فعل علماء أصول الفقه، ولهذا فمن الخطأ الفاحش – وهو دارج مع الأسف – أن يقال عن العربية إنها تراث عربي. نعم لقد كانت تراثاً زمن المعلقات وداحس والغبراء والطواف بإساف ونائلة ولكن منذ نزول القرآن بها لم تعد ملكاً للعرب وحدهم بل صارت ملكاً للمسلمين كافة.
الضابط الثاني: أن يراعي المفسر نظم القرآن، أي السابق واللاحق وسبب النزول في فهم المعنى.
…وهذا يقتضي فهم عادات العرب في التعبير وقت نزول القرآن، وتمييز الحقائق اللغوية عن الحقائق الشرعية. قال الزركشي: "ليكن محط نظر المفسِّر مراعاة نظم الكلام الذي سيق له وإن خالف أصل الوضع اللغوي لثبوت التجوز"(٤).
(٢) الزركشي، البرهان، ١/٨٨٨، ٨٨٩، وانظر: الآمدي، الإحكام في أصول الأحكام، ١/٤٨.
(٣) الشاطبي، الموافقات، ٢/٤٥.
(٤) السيوطي، الإتقان، ٢/٢٣٨.