…وقال الشاطبي: "فليس بجائز أن يضاف إلى القرآن ما لا يقتضيه، كما أنه لا يصلح أن ينكر منه ما يقتضيه. ويجب الاقتصار في الاستعانة على فهمه على كل ما يضاف علمه إلى العرب خاصة فيه يوصل إلى علم ما أودع من الأحكام الشرعية. فمن طلبه بغير ما هو أدلة له ضل عن فهمه، وتقول على الله ورسوله فيه"(١).
…وقال أبو حيان: "كثيراً ما يشحن المفسرون تفاسيرهم عند ذكر الإعراب بعلل النحو ودلائل مسائل أصول الفقه، ودلائل مسائل الفقه، ودلائل أصول الدين، وكل ذلك مقرر في تأليف هذه العلوم. وإنما يؤخذ ذلك مسلماً في التفسير دون استدلال عليه. وكذلك أيضاً ذكروا ما لا يصح من أسباب النزول، وأحاديث في الفضائل، وحكايات لا تتناسب وتواريخ إسرائيلية ولا ينبغي ذكر هذا في علم التفسير"(٢). أي أن أبا حيان يدعو لتحرير التفسير من كل ما ليس منه ولو كان حقاً وعلوماً شرعية لأن محلها في الكتب والأسفار المتخصصة بها. كما يدعو لتحريره مما لم يصح من أسباب النزول والأحاديث الموضوعة في فضائل القرآن والقصص الخرافية القديمة ونحوها، فهي دعوة حق لتنخيل التفسير مما علق به من شوائب، وعليه فإنه يجب أن يكون التفسير للمفسَّر بلا نقص مخل وبلا زيادة لا تتسع لها النصوص تحاشياً للفتنة والزيغ والضلال.
الضابط الخامس: الأفكار والأحكام والمعاني الشرعية لا تؤخذ إلا من الكتاب والسنة.
…الألفاظ التي لها معان في الشرع ولا تقع تحت حس البشر واقتضى الإيمان بها لأنها وردت بطريق قطعي مثل الملائكة، والشياطين، والجنّة، والنار، ويوم البعث والنشور، وعذاب النار، ونعيم الجنّة، والوحي، وبدء الخلق، وآدم، والأنبياء ومعجزاتهم كل ذلك ونحوها مما يتوقف فيها عند المعاني التي حددها الشارع تحصر هذه المعاني على المعاني الشرعية وليس على اللغة العربية.

(١) الشاطبي، الموافقات، ٢/٥٦.
(٢) السيوطي، الإتقان، ٢/٢٣٨، ط٤، دار المعرفة، بيروت، ١٩٧٨م.


الصفحة التالية
Icon