مسوغات البحث
…تعالت صيحات في نهاية القرن الثالث عشر، وفي مطلع القرن الرابع عشر الهجري تنادي بالتوفيق بين الحضارة الغربية والإسلام، ومنها ما دعا إلى تجديد الفكر الإسلامي، ولاقت هذه الصيحات ترحيباً حاراً من الجهات الرسمية، وآذاناً صاغية من الغافلين والمضبوعين بالثقافة الغربية، فلوى بعض أصحاب هذه الصيحات عنق نصوص القرآن لتوافق ما يصبون إليه. فجاءت آراؤهم وأفكارهم متعارضة متناقضة مع التفكير الإسلامي فدخلت الشوائب إلى التفسير من هذا الباب الواسع.
…وولع عدد لا بأس به ممن انخرطوا في سلك التفسير في القرن العشرين بكل غريب من الأفكار والأحكام والآراء، وتلقفوا جميع الروايات الصحيح منها والسقيم دون أن يعنّوا أنفسهم بالتحقيق. وربما اكتفى بعضهم بإسناد الرأي إلى مؤسسيه لينجو من العهدة، ويتخلص من التبعة، دون أن يصدر حكمه على كثير من نقوله فيقع في روع القارئ أن المفسر استملحها وارتضاها لأنها جاءت في سياق التقرير. فدخلت شوائب جمة في كتب التفسير.
…واعتمد نفر ممن خاض غمار التفسير في القرن العشرين، من ذوي الأهواء، على اقتناص شوارد الآراء الشاذة السابقة، وضمنوها في كتبهم فجمعت الشوائب القديمة وجددتها فكانت ضغثاً على إبّالة.
…ثم إن ضعف الخلافة، وتكالب الاستعمار عليها ساهم في إيجاد حركات وجمعيات وأحزاب هرعت إلى تفسير القرآن لتضفي على وجودها صبغة شرعية لتحقق ما تسعى إليه بإسناد آرائها وأفكارها ومشاريعها إلى الشرع الشريف فلجأت إلى تفسير القرآن كله أو بعضه لإحداث انقلاب فكري. وهذا دعاني لدراسة هذه التفاسير للوقوف على حقيقة هذه الحركات والجمعيات والأحزاب. ولمعرفة مدى تقيّدها بالإسلام بالوقوف على الشوائب التي أدخلوها للتفسير.


الصفحة التالية
Icon