…الثاني: دس أحاديث موضوعة وترويجها كجزء من الحديث لتفسير القرآن، وفي فضائل القرآن وسوره. وممن برع في هذه المفتريات عبد الله بن سبأ اليهودي، وقد تظاهر بالإسلام وتشيع لآل البيت خداعاً ونفاقاً. وشاركه نفر من المسلمين بدوافع مختلفة منهم أبو عصمة "نوح بن أبي مريم"(١). حيث وضع أحاديث لا أصل لها في فضائل السور، قال الحافظ أبو عمرو بن الصلاح في مقدمة علوم الحديث(٢) ما نصُّه: "روينا عن أبي عصمة، وهو نوح بن أبي مريم أنه قيل له من أين لك عن عكرمة عن ابن عباس في فضائل القرآن سورة سورة؟ فقال: رأيت الناس قد أعرضوا عن القرآن واشتغلوا بفقه أبي حنيفة(٣)، ومغازي ابن إسحاق(٤)

(١) نوح بن درّاج، نوح بن أبي مريم، أبو عصمة المروزي، كوفي، مولاهم، مشهور بالكنية، كذبوه في الحديث. وقال ابن المبارك كان يضع، من السابعة مات سنة ١٧٣هـ، انظر الضعفاء والمتروكين، للدارقطني، ترجمة ٥٤٠، ص ٣٧٦. وانظر الضعفاء الكبير للعقيلي، ترجمة ١٩٠٦، ٤/٣٠٥.
(٢) قاله الحافظ أبو عمرو بن الصلاح في مقدمة علوم الحديث، ص ٤٧-٤٨، طبعة يحيى، المصدر السابق نفسه للذهبي.
(٣) هو الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت (ت١٥٠ هـ)، مولى تيم الله بن ثعلبة، كان خزازاً يبيع الخز. أدرك أربعة من الصحابة وهم أنس بن مالك، وعبد الله بن أبي أوفى بالكوفة، وسهل بن سعد الساعدي بالمدينة، وأبو الطفيل عامر بن واثلة بمكة. ولم يلق أحداً منهم ولا أخذ عنه. أخذ الفقه عن حماد بن أبي سليمان، وسمع عطاء بن أبي رباح، ونافع مولى عبد الله بن عمر، وروى عنه عبد الله بن المبارك، ووكيع بن الجراح، والقاضي أبو يوسف، ومحمد الشيباني، وغيرهم، رفض القضاء زمن المنصور فسجنه، انظر ترجمة ٧٦٥، وفيات الأعيان، ٥/٤٠٥-٤١٥، وانظر تاريخ بغداد، ١٣/٣٢٣، ترجمة ٧٢٩٧.
(٤) هو محمد بن إسحاق بن يسار، وكنيته أبو بكر وقيل أبو عبد الله المطلبي بالولاء المديني صاحب المغازي والسير (ت١٥١هـ)، شهد له ابن شهاب الزهري والشافعي وسفيان بن عيينة وشعبة بن الحجاج في المغازي والحديث. من تصانيفه السيرة النبوية، انظر ترجمة ٦١٢، وفيات الأعيان، ٤/٢٧٦-٢٧٧.


الصفحة التالية
Icon