…وهكذا استند ابن سينا إلى فلاسفة اليونان في قضية إسلامية محضة وهي النظرة للقرآن والحديث من لغة الخطاب. وما دام ابن سينا يرى أن كلام الشرع رموز، وهو محظور التفسير على العامة، وحصره بالخاصة، فليس غريباً والحالة هذه أن يفرغ أفكاره ومفاهيمه وآراءه ونظرياته الفلسفية فيما يزعمه تفسيراً لنصوص القرآن الكريم متجاهلاً أن القرآن جاء بلسان عربي مبين.
…ومن الجدير بالذكر أن ابن سينا قد صرح بأن جميع الأوامر الشرعية جارية مجرى ما شرحه في رسالة ماهية الصلاة وقال إن الحر تكفيه الإشارة(١). وهناك إشارة تدل على أن للرجل مذهباً باطنياً خاصاً هي قوله في خاتمة الرسالة: "وأحرم عرض هذه الرسالة على من أغوى هواه، وطبع قلبه طبعه فإن لذة الجماع لا تتصور للعينين، ولذة النظر لا يصدقه الأكمه. تمت الرسالة"(٢).
…هذه خلاصة شوائب التفسير في الفكر الفلسفي. ومنها نخلص إلى نتيجة أنه لا يوجد لهم في التفسير غير الشوائب. لأنهم اعتمدوا مصادر غير مصادر التفسير المتبعة في الإسلام، فجعلوا العقل، والفلسفة القديمة، مصادر تشريعهم. وأعرضوا عن السنة الصحيحة، وعن اللسان العربي المبين الذي نزل به القرآن الكريم.
(٢) المصدر السابق نفسه.