…يذهب الشيخ محمد عبده أبعد من هذا فيرى أن النبوات انتهت بسيدنا محمد - ﷺ - حيث بلغت البشرية سن الرشد ثم يتولى العقل شؤون نفسه ولا وصاية من الدين عليه. وقد انتهت مهمة الدين بكمال الرسالات، فقال: "بهذا وما سبق تمّ للإنسان بمقتضى دينه أمران عظيمان طالما حرم منهما وهما: استقلال الإرادة، واستقلال الرأي والفكر، وبهما كملت له إنسانيته واستعدّ لأن يبلغ من السعادة ما هيأه الله له بحكم الفطرة التي فطر عليها"(١).
…وقال مؤكداً على هذا المفهوم: "لم يدع الإسلام، بعدما قررنا، أصلاً من أصول الفضائل إلا أتى عليه، ولا أمّاً من أمهات الصالحات إلا أحياها، ولا قاعدة من قواعد النظام إلا قررها، فاستجمع للإنسان عند بلوغ رشده –كما ذكرنا- حرية الفكر واستقلال العقل في النظر، وما به صلاح السجايا وما فيه إنهاض العزائم إلى العمل وسوقها في سبيل السعي". ثم قال: "هل بعد الرشد وصاية؟ وبعد اكتمال العقل ولاية؟.. كلا.. قد تبين الرشد من الغي، ولم يبق إلا اتباع الهدى والانتفاع بما ساقته أيدي الرحمة لبلوغ الغاية من السعادتين، لهذا اختتمت النبوات بنبوة محمد - ﷺ - وانتهت الرسالات برسالته"(٢).
٢- موقف الشيخ محمد رشيد رضا القلموني من العقل:

(١) عبده، محمد، رسالة التوحيد، جمع وتعليق محمد عمارة، ص ١٥٢، المركز الحضاري المصري الإعلامي، القاهرة، ١٩٨٩م. قال الشيخ محمد عبده هذه الفقرة تحت عنوان: حرية الفكر والتجديد.
(٢) ص ١٧١، المصدر السابق نفسه.


الصفحة التالية
Icon