…قال: ".. والثانية طريقة الخلف وهي التأويل: يقولون: إن قواعد الدين الإسلامي وضعت على أساس العقل فلا يخرج شيء منها من المعقول. فإذا جزم العقل بشيء وورد في النقل خلافه يكون الحكم العقلي القاطع قرينة على أن النقل لا يراد به ظاهره، ولا بد له من معنى موافق يحمل عليه فينبغي طلبه بالتأويل"(١).
…فيكون القرينان الشيخ محمد عبده والشيخ محمد رشيد رضا متوافقين كل الموافقة في موقفيهما من العقل.
٣- موقف طنطاوي جوهري من العقل:
…قال عند تفسير قوله تعالى: ﴿ فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ﴾ (٢): وأنا أرجو أن يكون خلفنا خيراً من سلفنا الأقربين فيقرؤون حكم الأمم وعلومها وسياساتها وصناعتها وهم يعتقدون أن ذلك من الدين".
…ثم قال: "إذن لا حاجة إلى أنبياء بعد نبيّنا، ولماذا؟ لأن الأنبياء يأتون لتذكير الناس بما نسوا. والله سبحانه أخبر أنه اختص أناساً بالحكمة يخلقهم حيث يشاء. والحكمة الملقاة على الناس في الأزمان المختلفة قد أصبحت جزءاً من علوم الإسلام. إذن كل حكمة صدرت من حكيم أياً كان هي إسلامية. إذن إرسال الرسول بعد هذه الآية عبث. ولا جرم أن هذا هو كمال الإنسانية لأنها إذا كان تعليمها بواسطة حكمائها المتبعين لوصية نبي كان ذلك أرقى وأشرف من إرسال الرسول. لأن الرسول إنما يرسل لقوم ناقصين جهلوا الحكمة، أما هذه الأمم فإنها تعترف بالحكمة وتعمل بها وتقول هي من وصايا كتابنا وديننا"(٣).

(١) رضا، محمد رشيد، تفسير القرآن الحكيم الشهير بتفسير المنار، ١/٢٥٢، مطبعة محمد علي صبيح، القاهرة، ط٣، ١٣٦٧هـ - ١٩٤٨م.
(٢) سورة مريم، الآية: ٥٩.
(٣) جوهري، طنطاوي، الجواهر في تفسير القرآن، م٨، ١٥/١٥٣.


الصفحة التالية
Icon