…وأكثر من هذا.. فإن النغم الذي جاءت عليه السورة الكريمة، قد جاء في صورة تغري بأن تكون أغنية يتغنى بها الولدان، ويحدو بها الركبان، ويتناشد بها الرعاة.. إنها تصلح أن تكون في نظمها غناء، أو نشيداً، أو حداءً، ولا نحسب إلا أنها كانت. بعد أيام قليلة من نزولها، نشيداً مردداً في طرقات مكة، على ألسنة الصبيان، وفي البوادي على أفواه الرعاة والحداة، وأنها قد أخذت صوراً وأشكالاً من الأوزان، والأنغام التي تولدت من نظمها العجيب المعجز. انظر ألا يمكن أن تنشد هكذا:
تبت يدا أبي لهب
ما أغنى عنه ماله
سيصلى ناراً
وامرأته
في جيدها... وتبا
وما كسبا
ذات لهب
حمالة الحطب
حبل من مسد
ثم قال: ألا يمكن أن تكون صوت حداء هكذا:
تبت يدا أبي لهب وتب
سيصلى ناراً ذات لهب... ما أغنى عنه ماله وما كسب
وامرأته حمالة الحطب
في جيدها حبل من مسد
ثم قال: ألا يمكن أن تكون نشيد رعاة هكذا:
تبت يدا... أبي لهب... وتبْ
ما أغنى عنه... ماله... وما كسب
سيصلى... ناراً... ذات لهب وامرأته حمالة الحطب
في جيدها... حبل... من مسد
وهكذا يمكن أن تتوالد منها الصور، وتتعدد) (١).
…وهكذا يحرف الدكتور عبد الكريم الخطيب الأنظار في تلاوة القرآن ويصرفه عن الهداية إلى تعلم وتعليم الموسيقى، وتذوقها في رحاب القرآن فيصبح ديناً للفن واللهو والطرب لا تشريعاً للالتزام والعمل.

(١) د. الخطيب، عبد الكريم محمود، التفسير القرآني للقرآن، م١٦، ٣٠/١٧٠٨-١٧٠٩.


الصفحة التالية
Icon