…وعليه فأصل فكرة صرف أذهان الناس عن القرآن وما فيه من معنى إلى ألحان موسيقية هم المستشرقون. وتفسير الخطيب كان تطبيقاً عملياً لهذه الفكرة فصيّر د. عبد الكريم الخطيب نظم سورة الرحمن مقدمة موسيقية علوية اللحن، قدسية النغم تحدث في النفوس الانتشاء. وهذا اللحن الموسيقي مستغن بنفسه عن حمل مفاهيم ودلالات للألفاظ. والقرآن يحدث بلحنه، والموسيقى التي يحملها ما تعجز أروع الألحان من تأثيرها في النفوس من روْح وانتشاء، وشبه كلمة الرحمن بالرتم الذي يمسك باللحن الموسيقي من مطلعه إلى نهايته. ثم وجه الدعوة إلى علماء الموسيقى ليفيدوا من نظم القرآن في مجال دراستهم الموسيقية. وبين أن الموسيقي وهو يتلو آيات سورة الرحمن إنما يتلقى درساً علوياً من ينابيع الموسيقى السماوية. وفي سورة المسد بين أن نظمها جاء على صورة تغري أن تكون أغنية يتغنى بها الولدان والصبيان، ويحدو بها الركبان، ويتناشد بها الرعاة، ثم تخيل أنها كانت كذلك بعد نزول الآية تغنى بها الولدان والركبان في طرقات مكة وفي البوادي كذلك، مع أنه يدرك تمام الإدراك أن القرآن كان محظوراً في الحياة العامة في مكة، ولم يكن يتلى إلا في اناء الليل، وفي قعر بيوت المؤمنين وهي قليلة جداً. ثم قطعها: غناء وحداء ونشيداً. وفي سورة النور فقد حذف الآية الأولى من السورة وجعلها لحناً موسيقياً لبدء السورة. وفي سورة البقرة جعل الأحرف التي افتتحت بها السورة وحدة للحن الموسيقي وهي مطلع موسيقي ولا داعي للبحث عن معنى لها. وهكذا فإن الدكتور عبد الكريم الخطيب متأثر بالغرب في هذه القضية فجعل الألباب تتعلق بالقرآن كموسيقى وجرس موسيقي خلاب فلا ينظر إلى المعاني ويكتفي بالألحان التي تهز مشاعر التالين لذكره والسامعين. تعالى كتاب الله عن ذلك علواً كبيرا. ولا يخفى أن هذه شوائب لا تمت للتفسير بسبب ولا نسب فلا تحتملها اللغة ولا يقرها الشرع.


الصفحة التالية
Icon