…قال الشيخ رشيد في معرض مدح الصور والتماثيل في دور الآثار عند الأمم الكبرى: "ولهم تنافس في اقتناء ذلك غريب حتى أن القطعة الواحدة من رسم روفائيل مثلاً ربما تساوي مئين من الآلاف في بعض المتاحف. ولا يهمك معرفة القيمة بالتحقيق وإنما المهم هو التنافس في اقتناء الأمم لهذه النقوش، وعد ما أتقن منها من أفضل ما ترك المتقدم للمتأخر، وكذلك الحال في التماثيل"(١). وعلل الشيخ رشيد سبب محافظة القوم على هذه المصنوعات من الرسوم والتماثيل بأن الرسم ضرب من الشعر الذي يرى ولا يسمع. والشعر ضرب من الرسم الذي يسمع ولا يرى(٢). وذكر من فوائدها "أن هذه الرسوم والتماثيل قد حفظت من أحوال الأشخاص في الشؤون المختلفة ومن أحوال الجماعات في المواقع المتنوعة ما تستحق به أن تسمى ديوان الهيئات والأحوال البشرية. يصورون الإنسان أو الحيوان في حال الفرح والرضا والطمأنينة والتسليم"(٣). ثم أصدر فتواه في الصور والتماثيل للإنسان والحيوان فقال: "ربما تعرض لك مسألة عند قراءة هذا الكلام وهي ما حكم هذه الصور في الشريعة الإسلامية إذا كان القصد منها ما ذكر من تصوير هيئات البشر في انفعالاتهم النفسية أو أوضاعهم الجثمانية، هل هي حرام أو جائز أو مكروه أو مندوب أو واجب؟ فأقول لك: إن الراسم قد رسم، والفائدة محققة لا نزاع فيها، ومعنى العبادة وتعظيم التماثيل أو الصورة قد يسحر الأذهان فإما أن تفهم الحكم من نفسك بعد ظهور الواقعة، وإما أن ترفع سؤالاً إلى المفتي وهو يجيبك مشافهة. فإذا أوردت عليك حديث (إن أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون) أو ما في معناه مما ورد في الصحيح فالذي يغلب على ظني أنه سيقول لك إن الحديث جاء في أيام الوثنية، وكانت الصور تتخذ في ذلك العهد لسببين. الأول: اللهو، والثاني: التبرك بمثال

(١) رضا، محمد رشيد، تاريخ الأستاذ الإمام، ٢/٤٤.
(٢) رضا، محمد رشيد، تاريخ الأستاذ الإمام، ٢/٤٤.
(٣) المصدر السابق نفسه.


الصفحة التالية
Icon