من ترسم صورته من الصالحين، والأول مما يبغضه الدين، والثاني مما جاء الإسلام لمحوه. والمصور في الحالين شاغل عن الله أو ممهد للإشراك به فإذا زال هذان العارضان وقصدت الفائدة كان تصوير الأشخاص بمنزلة تصوير النبات والشجر في المصنوعات. وقد صنع ذلك في حواشي المصاحف وأوائل السور ولم يمنعه أحد من العلماء مع أن الفائدة في نقش المصاحف موضع النزاع أما فائدة الصور فما لا نزاع فيه على الوجه الذي ذكره. وأما إذا أردت أن ترتكب بعض السيئات في محل فيه صور كما ورد فإياك أن تظن أن ذلك ينجيك من إحصاء ما تفعل فإن الله رقيب عليك، وناظر إليك"(١). وقال: "وبالجملة إنه يغلب على ظني أن الشريعة الإسلامية أبعد من أن تحرم وسيلة من أفضل وسائل العلم بعد تحقيق أنه لا خطر فيها على الدين لا من جهة العقيدة ولا من جهة العمل"(٢). وقال: "على أن المسلمين لا يتساءلون إلا فيما تظهر فائدته ليحرموا أنفسهم منها"(٣). وقال: "إن المسلمين يمكنهم أن يجمعوا بين التوحيد ورسم صور الإنسان والحيوان لتحقيق المعاني العلمية، وتمثيل الصور الذهنية"(٤).
…ثم تحدث عن ملاحظات الشيخ محمد عبده في سياحته إلى صقلية وبلرم وأشاد بالتماثيل في الكنائس(٥). وقال: إن المسلمين حافظوا عليها ولم يعبثوا بها لأهمية التصاوير والتماثيل، ولأنهم قدروها حق قدرها(٦).
(٢) المصدر السابق، ٢/٤٤٦.
(٣) المصدر السابق، ٢/٤٤٦.
(٤) المصدر السابق، ٢/٤٤٧.
(٥) رضا، محمد رشيد، تاريخ الأستاذ الإمام، ٢/٤٢٣، ٤٢٤، ٤٢٥، وانظر مجلة المنار، م٦، ص٧٤٦، ٧٥٥. وانظر مجلة المنار، م٧، بلرم – صقلية، ملاحظات سائح بصير. والسائح هو محمد عبده.
(٦) رضا، محمد رشيد، تاريخ الأستاذ الإمام، ٢/٤٢٥.