…بقي بعد أن نسأل لماذا قامت هذه الفجوة بين المسلمين وبين ممارسة فن النحت، والتصوير، والرسم وغيرها من الفنون الجميلة؟
…ولا نجد لهذا الجفاء مستنداً من كتاب الله، ولا من السنة الصحيحة.. بل إن عكس هذا هو الصحيح.. إذ كانت دعوة الإسلام تلتقي بالإنسان عن طريق عقله وقلبه، وتخاطبه في مواجهة مدركاته ومشاعره ووجداناته، ودعوة على هذا الأساس لا يمكن أن تحجر على ملكات الإنسان، أو أن تكبت مشاعره، وتحول بينه وبين أي فن جميل يثير المدارك، ويغذي المشاعر والعواطف"(١). وقد علل د. الخطيب عدم شيوع هذا الفن في صدر الإسلام لقرب عهدهم بالجاهلية التي كانت تصنع الأصنام لعبادتها. فقال: "والذي يمكن أن يكون من الإسلام في أول أمره، أنه لم يفتح صدره لفن النحت، ولم يفتح الناس طريقاً إليه، خاصة وأن المجتمع الإسلامي يومئذ، كان خارجاً من جاهلية اتخذت من النحت غاية لا تتجاوز صناعة الأصنام وعبادتها.. فكان من الحكمة أن تخف في الإسلام موازين النحت، الذي لم يلد على يد المجتمع الجاهلي إلا هذا الإثم الذي عكفوا على عبادته. وهذا الموقف يشبه موقف الإسلام من الشعر، الذي كان يحمل قدراً كبيراً من الضلال والإفك"(٢).

(١) د. الخطيب، عبد الكريم محمود، التفسير القرآني للقرآن، م١١، ٢٢/٧٩٠-٧٩١.
(٢) د. الخطيب، عبد الكريم محمود، التفسير القرآني للقرآن، م١١، ٢٢/٧٩١.


الصفحة التالية
Icon