…ثم دعا لإحياء هذه الفنون الجميلة –على حد تعبيره- فقال: "وقد كان من الطبيعي أن يرد إلى النحت والتصوير والرسم، وغيرها، اعتبارها بعد أن ماتت في النفوس عبادة الأصنام، واختفت شخوصها إلى الأبد، ولكن الذي حدث هو الإمعان في الفجوة لهذه الفنون، لا لسبب إلا أنها لم تكن من مادة الحياة في عصر النبوة، أو في عصر الخلفاء الراشدين وقد فات الذين ينظرون إلى هذه الفنون من خلال عصر النبوة، أن هذا العصر كان يعالج النفوس والقلوب والعقول، من آفات كثيرة علقت بها، وأنه لم يعرض للجوانب السليمة المعافاة من الأدواء في كيان الإنسان، بل تركها تجري على طبيعتها، وبقدر ما تحمل من طاقات وملكات"(١).
…وهذا القدر من أقوال الخطيب يكفي لإعطاء صورة واضحة عن موقفه من النحت والرسم والتمثيل، وقد تسربل بثوب الشرعية زوراً وبهتاناً، وهو في الواقع تفسير متأثر بالفن الغربي الذي يصور ويجسم ويرسم ويقيم لذلك المعارض ويعده مظهراً حضارياً. والبهتان العظيم في تفسير د. الخطيب أن يلصق ذلك بمفاهيم الإسلام ويزعم أن السنة الصحيحة لم تحرم النحت والتصوير ورسم ذي روح. ووجد في شريعة سليمان عليه السلام –وهي شريعة من قبلنا- أنها تبيح ذلك فتشبث بها وإليك مجمل الرد على مزاعم د. الخطيب في ثلاث نقاط:
أولاً: إن شرع من قبلنا ليس شرعاً لنا. وهذه قاعدة أصولية ثابتة، وإن اختلف بعض العلماء فيها إلا أنهم يجمعون على أنه إذا ورد نص شرعي فلا يجوز أن يؤخذ بشريعة سابقة ويترك النص. وفي هذه المسألة نصوص كثيرة صحيحة سنوردها بعد قليل. وعليه فلا يجوز أن تكون شريعة سيدنا سليمان عليه السلام في هذه المسألة شرعاً لنا.