المبحث الرابع : شوائب التفسير في معنى وحدة المسلمين ونظام الحكم في الإسلام
أ- شوائب التفسير في معنى الوحدة.
…أولاً: رابطة القومية والوطنية: قال الشيخ رشيد عند تفسير قوله تعالى:
﴿ مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء ﴾ (١): "لذلك جعلوا الدين رابطة سياسية وآلة لإخضاع العامة"(٢): وقال: "قال عمر: إن بيعة أبي بكر كانت فلتة وقى الله المسلمين شرها". أي أن الشورى في انتخابه لم تكن تامة(٣). وقال الشيخ رشيد تحت عنوان صنوف قراء هذا التاريخ: "ومنهم دعاة النهضة المدنية اللادينية، وسيجد المخلصون منهم أن إمامنا إمام لهم في جانب من جانبي إصلاحه. وإن الجانب الآخر لا يضرهم، فإن الجامدين في التقاليد الدينية والخرافيين فيها هم أعداء التجديد المدني فإذا صلحوا التقوا معهم في تعزيز النهضة الوطنية وتعاونوا معهم عليها، ما لم يكونوا دعاة للإلحاد ذاته، وقد كان المعاصرون منهم للحكيم الأفغاني والإمام المصري يدينون لزعامتهما، وإن لم يكونوا من مريديهما والمقتبسين منهما مباشرة، بل كان المخلص منهم لقومه ووطنه يعترف بفائدة إصلاحهما الديني وضرورته لإكمال النهضة المدنية، والرابطة الوطنية، كما ترى من تأبين أحرار النصارى وملاحدة المسلمين للأستاذ الإمام"(٤).
…مما سبق ندرك أن الشيخ رشيد لا يروق له أن يكون الدين رابطة سياسية تجمع المسلمين وفي كلامه افتراء صارخ على عمر، وافتئات على أبي بكر، وإثم عظيم لمنع الدين أن يكون رابطة سياسية بين المسلمين، ثم جعل الرابطة الوطنية التي تجمع الملحدين والمسلمين في القطر هي التي تستحق الدعوة لها والتعاون من أجلها، ولذلك كان الشيخ محمد عبده إماماً للملاحدة في جانب من جانبي إصلاحه.
(٢) تفسير المنار، ج٢، ص٣٠٢.
(٣) تفسير المنار، ج٢، ص٤٩٢.
(٤) تاريخ الأستاذ الإمام محمد رشيد رضا، ج١، ص٧.