…وأما كون مكة أحب بقاع الأرض إلى الرسول - ﷺ - فليست لأنها موطنه، وبها ولد ونشأ وترعرع ليس لهذا كله بدليل أنه بقي في المدينة (بين من نصروا الدين) بعد فتحها، ولم يعد إلى مسقط رأسه، ولم يوص أن يدفن فيها. ولكن محبته - ﷺ - لمكة لأن الله تعالى بارك فيها وقدّسها ففيها الكعبة والنظر إليها عبادة والطواف حولها صلاة، والركعة في الحرم تفضل الصلاة في غيره بمائة ألف ركعة. وإقامة الرسول - ﷺ - في المدينة بين من نصروا الدين تشريع ووحي من السماء فاعتبروا يا أولي الأبصار، ومطلوب من كل مسلم شرعاً أن يحب مكة والكعبة ويهوي فؤاده إليها، ويرحل إليها ولو مرة في العمر لأداء مناسك الحج والعمرة، فيرجع المسلم منها كيوم ولدته أمه. وفي هذا القدر كفاية لبيان أن الإسلام يمقت الوطنية والقومية وأنها لا تصلح لربط المسلمين بعضهم ببعض والرابطة الصحيحة هي رابطة العقيدة التي تذيب كل القوميات والوطنيات والجنسيات فيها وتجعل الناس إخواناً. عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - ﷺ -: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا منّي دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله) (١). رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
ثانياً: الشوائب في صورة الوحدة الإسلامية:

(١) رواه التلارمذي في أبواب الإيمان رقم ٢٧٣٣، وانظر حديث ٢٧٣٤، ٢٧٣٥، م٤، ص ١١٧، ١١٨ وفي الباب عن جابر وأبي سعيد وابن عمر، وعن معاذ بن جبل وعن أنس.


الصفحة التالية
Icon