…ومما قال الشيخ محمد عبده: "بقي الكلام على جمع السلطة الدينية والسياسية في شخص واحد يقول فيه مسيو هانوتو إن أوروبا لم تتقدم إلا بعد أن فصلت السلطة الدينية عن السلطة المدنية وهو كلام صحيح، ولكن لم يدر ما معنى جمع السلطتين في شخص واحد عند المسلمين"(١). ووضح الشيخ محمد عبده معنى جمع السلطتين الدينية والسياسية في شخص واحد عند المسلمين فقال: "وهذه الدولة العثمانية قد وضعت في بلادها قوانين مدنية وشرعت نظاماً لطريقة الحكم وعدد الحاكمين ومللهم وسمحت بأن يكون في محاكمها أعضاء من المسيحيين وغيرهم من الملل تحت رعايتها. وكذلك حكومة مصر أنشئت فيها محاكم مختلطة ومحاكم أهلية بأمر الحاكم السياسي، وشأن هذه المحاكم وقوانينها معلوم ولا دخل بشيء من ذلك في الدين فالسلطة المدنية هي صاحبة الكلمة الأولى كما يطلب مسيو هانوتو"(٢).
…ثم قال: "لا أظن أن مسيو هانوتو سيء الظن بدعوة دينية على الوجه الذي بينّاه وأظنه يكون عوناً للمسلمين على تعضيدها في البلاد الإسلامية الفرنساوية إذا وجد فيها من يقوم بها. وأنا أضمن له بعد ذلك أن تتفق مصالح المسلمين مع مصالح الفرنساويين فإن المسلمين إذا تهذبت أخلاقهم بالدين سابقوا الأوروبيين في اكتساب العلوم وتحصيل المعارف ولحقوا بهم في التمدين وعند ذلك يسهل الاتفاق معهم إن شاء الله"(٣).

(١) رضا، محمد رشيد، مجلة المنار، م١٠، ج٣، ص ٢٠٨، وانظر تاريخ الأستاذ الإمام، ج٢، ص٤٧٩.
(٢) رضا، محمد رشيد، مجلة المنار، م١٠، ج٣، ص ٢٠٩، وانظر تاريخ الأستاذ الإمام، ج٢، ص٤٧٩.
(٣) رضا، محمد رشيد، مجلة المنار، م١٠، ج٣، ص ٢٠٨، وانظر تاريخ الأستاذ الإمام، ج٢، ص٤٨٠.


الصفحة التالية
Icon