…أما النصوص فقال تعالى: ﴿ إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ﴾ (١) وقال عز وجل: ﴿ وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ ﴾ (٢) فالخطاب موجه للمسلمين كافة، ووصف الأمة الإسلامية (وهي المخاطبة) بالواحدة. أي لا تعدد فيها، والواحد لا يتسع للتعدد حسبما تدل عليه اللغة، وذيلت آية سورة الأنبياء بالطلب لعبادة الرب، كما ذيلت آية المؤمنون بالطلب بتقوى الرب والإخبار هنا يفيد الطلب. وجاءت السنة تبيّن أن الطلب جاء على سبيل الإلزام بما احتف به من قرائن لا محيص عنها في إفادة الجزم:
١- أخرج مسلم عن أبي حازم قال: قاعدت أبا هريرة خمس سنين فسمعته يحدّث عن النبي - ﷺ - قال: كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي خلفه نبي وإنه لا نبي بعدي، وستكون خلفاء فتكثر قالوا فما تأمرنا؟ قال: فو ببيعة الأول فالأول وأعطوهم حقهم فإن الله سائلهم عما استرعاهم(٣).
…ففي الحديث إخبار بأن الخلفاء سيكثرون بعده - ﷺ - وحدد الحديث الموقف الذي ينبغي أن يكون عليه المسلمون من هذه الكثرة، والتعدد، فأمرهم بالوفاء للخليفة الذي بايعونه أولاً لأنه هو الخليفة الشرعي، وهو وحده الذي له الطاعة، وأما الآخرون فلا طاعة لهم لأن بيعتهم باطلة غير شرعية، لأنه لا يجوز أن يبايع لخليفة مع وجود الأول. والفاء تفيد الترتيب والتعقيب (الأول فالأول). أي أن الوحدة تكون بتوحيد المسلمين في كيان واحد تحت إمرة أمير واحد.

(١) سورة الأنبياء، آية ٩٢.
(٢) سورة المؤمنون، آية ٥٢.
(٣) صحيح مسلم بشرح النووي، ج١٢، ص ٢٣١، كتاب الإمارة، باب وجوب الوفاء ببيعة الخليفة الأول فالأول.


الصفحة التالية
Icon