٢- الشيخ علي عبد الرازق: ألف كتابه الإسلام وأصول الحكم، ومما جاء فيه "والحق أن الدين الإسلامي بريء من تلك الخلافة التي يتعارفها المسلمون، وبريء من كل ما هيأوا حولها من رغبة ورهبة، ومن عز وقوة، والخلافة ليست في شيء من الخطط الدينية، كلا، ولا القضاء ولا غيرهما من وظائف الحكم ومراكز الدولة، وإنما تلك كلها خطط سياسية صرفة، لا شأن للدين بها، فهو لم يعرفها ولا ينكرها، ولا أمر بها ولا نهى عنها، وإنما تركها لنا لنرجع فيها إلى أحكام العقل، وتجارب الأمم وقواعد السياسة"(١).
…وقال: "لا شيء في الدين يمنع المسلمين أن يسابقوا الأمم الأخرى، في علوم الاجتماع والسياسة كلها، وأن يهدموا بذلك النظام العتيق الذي ذلوا له واستكانوا إليه، وأن يبنوا قواعد ملكهم، ونظام حكومتهم على أحدث ما أنتجت العقول البشرية، وأمتن ما دلت تجارب الأمم على أنه خير أصول الحكم، والحمد لله الذي هدانا لهذا، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله"(٢).
…ومن يدقق في كلام الشيخ علي عبد الرازق يجد أنه يحمد الله أن هداه لهدم الدين ويتقرب إلى الله بذلك، فهو ينكر تاج الفروض، نعم يجحد الفرض الذي تطبق به كل الأحكام الشرعية، والذي بلغنا بالتواتر، كما أنه يزعم بدون دليل أن الخلافة والحكم بعامة والقضاء والسياسة لا شأن للدين بها، وهي موكولة للعقل يأخذ بها من تجارب الأمم وقواعد السياسة، فهو بذلك يعتنق عقيدة فصل الدين عن الحياة بأجلى صورها. وهذه كلها شوائب لا تمت للإسلام بسبب ولا نسب.

(١) الإسلام وأصول الحكم، ص ٢٠١، علي عبد الرازق، نقد وتعليق د. ممدوح حنفي، دار مكتبة الحياة، بيروت، ١٩٦٦م.
(٢) عبد الرازق، علي، الإسلام وأصول الحكم، ص ٢٠١.


الصفحة التالية
Icon