ثالثاً: وحدة الدولة في الإسلام وتعددها: إن القرآن لا يحتوي صراحة كون الدولة في الإسلام واحدة شاملة. وكذلك ما هنالك تقرير لواقع الأمر من أن رئاسة النبي - ﷺ - للدولة كانت شاملة لجميع المسلمين ومصالحهم(١) وهذا ما استمر في عهد الخلفاء الراشدين وبعدهم إلى أمد غير قصير.
…وقال: غير أن في القرآن آيات في صدد ما يقوم من نزاع وقتال بين طوائف المسلمين وجماعاتهم قد تحتوي تلقيناً ما باحتمال قيام دول إسلامية عديدة أيضاً(٢) ﴿ وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا ﴾ (٣).
…وقال: "فإذا صح توجيهنا فإنه يبدو من خلاله حكمة سامية لعدم النص الصريح على كون الدولة في الإسلام واحدة شاملة، حيث علم الله بمقتضيات الظروف وطبيعة النواميس الاجتماعية، واحتمال قيام دول وحكومات إسلامية متعددة فضمن الآيات هذا التلقين الجليل"(٤).
…وقال في قوله تعالى ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ﴾ (٥). والآية الثانية تتضمن تلقيناً جليلاً آخر متصلاً بالاحتمال الذي استلهمناه، وهو وجوب قيام الصلات بين الحكومات الإسلامية المتعددة على أساس الحق والعدل، والتضامن ومصلحة الأخوة الإسلامية المشتركة(٦).

(١) دروزة، محمد عزت، الدستور القرآني والسنة النبوية في شؤون الحياة، ج١، ص١٠٥.
(٢) دروزة، محمد عزت، الدستور القرآني والسنة النبوية في شؤون الحياة، ج١، ص١٠٦.
(٣) سورة الحجرات، آية ٩.
(٤) دروزة، محمد عزت، الدستور القرآني والسنة النبوية في شؤون الحياة، ج١، ص١٠٧.
(٥) سورة الحجرات، آية ١٠.
(٦) دروزة، محمد عزت، الدستور القرآني والسنة النبوية في شؤون الحياة، ج١، ص١٠٧.


الصفحة التالية
Icon