…مما سبق ندرك أن الشيخ لا يأخذ إلا بما ورد في القرآن الكريم ويعرض عن السنة، وما أخذه من القرآن أخذ منه ما يتناسب أو ما يمكن أن يلويه ليوافق هواه، فقوله إن القرآن لم يتضمن نصاً في شكل الدولة كلام صحيح لكن الحكم بما أنزل الله جاء بشكل لا لبس فيه ولا غموض، وما أنزل الله شمل جميع شؤون الحياة، وكأنه يريد أن يقول: ألا له الخلق دون الأمر.
…ثم إنه يفتري على السنة أنها خالية من النصوص في شكل الحكم، ثم إنه يجوز أن يكون الحكم ملكياً أو جمهورياً، فهو سائر على سنن من قبله من المدرسة العقلية الحديثة، وما زعمه من جواز تعدد الدول كل ذلك يتناقض مع النصوص القطعية والتي وصلتنا بالتواتر، فما جاء به شوائب محضة لا تمت للإسلام بسبب ولا نسب. ولا يجوز أن تدخل في دائرة التفسير، ولا في دائرة الإسلام كله.
٦- محمد أسد ألف كتاب منهاج الإسلام في الحكم: يرى أن هناك خطراً أعظم وهو أن كثيراً من المسلمين يريدون أن تتخذ الدول الإسلامية التي نشأت في الماضي مثالاً يجب علينا أن نحتذيه خلال مراحل تطورنا السياسي في الحاضر والمستقبل(١).
…وفسر مقصده من لفظ (الدول الإسلامية) قائلا: (ولكني أشير على وجه التحديد إلى الفكرة التي هيمنت على عقول كثير من المسلمين سواء في الماضي أو الحاضر من أنه لا يوجد سوى طراز واحد فحسب يمكن أن ينطبق عليه نعت (الدولة الإسلامية) ويعنون بذلك الطراز الذي قام في عهد الخلفاء الراشدين، وأن أي انحراف على الاقتداء بهذا الطراز يخلع عن الدولة الصفة (الإسلامية). إنني أقول أنه ليس هناك شيء أكثر إمعاناً في الخطأ من مثل هذا الاعتقاد(٢).
…ولا أدري أهو جهل بالإسلام، وجهل بحقيقة مصادر التشريع، أم هو حقد المستشرقين الذين يعلنون إسلامهم، والله يتولى سرائرهم؟!
(٢) المصدر السابق، ص ٥٤.