…وقال ابن قتيبة: "الإمامة موضوعة لخلافة النبوة في حراسة الدين وسياسة الدنيا، وعقدها لمن يقوم بها في الأمة واجب بالإجماع وإن شذ عنهم الأصم"(١).
الثاني: أجهزة نظام الحكم في الإسلام:
١- جهاز الخليفة ودليله قول الرسول - ﷺ -: (إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما)(٢). ويدل على وجوب وجود رئيس واحد للدولة الإسلامية يسمى خليفة. ويدل على عدم جواز تعدد الدول. بدليل أن قتل مسلم بريء يهتز له عرش الرحمن، ودم المسلم أعظم من حرمة بيت الله في الشهر الحرام. ومع ذلك أمر الإسلام بقتل من ينتهك حرمة الدولة الواحدة، ويعمل على تجزئتها أو تعددها. ولا يجوز أن يكون الخليفة امرأة ولا أن تكون في الحكم لقوله - ﷺ -: (لن يفلح قوم ولو أمرهم امرأة). ولم يرد نص يحدد زمن خلافة الخليفة، فيبقى على عمومه. فضلاً عن أن الرسول - ﷺ - كان رئيساً للدولة الإسلامية حتى انتقل إلى الرفيق الأعلى، والخلفاء الراشدون كذلك، وأحاديث البيعة كانت على الحكم لا على النبوة، أخرجه مسلم عن جنادة ابن أبي أمية قال: دخلنا على عبادة بن الصامت وهو مريض فقلنا حدثنا أصلحك الله بحديث ينفع الله به سمعته من رسول الله - ﷺ - فقال: دعانا رسول الله - ﷺ - فبايعناه فكان فيما أخذ علينا أن بايعناه على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا، وأثرة علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله. قال إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان) (٣). وعليه فأول أجهزة

(١) الدينوري، أبي محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة (ت٢٧٦هـ)، الإمامة والسياسة، ص٣. والكتاب معروف باسم (تاريخ الخلفاء)، ط٣، ١٣٨٧هـ، ١٩٦٣م، مطبعة مصطفى البابي الحلبي، محمود نصار الحلبي وشركاه.
(٢) رواه مسلم وسبق تخريجه.
(٣) صحيح مسلم بشرح النووي، كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، ١٢/٢٢٨.


الصفحة التالية
Icon