…وقد رأينا أن جذور الشوائب في هذا القرن ضاربة في أعماق الماضي بل يمكن القول أن جميع شوائب التفسير المتناثرة في الماضي عبر القرون قد جمعت في تفاسير هذا القرن. وقد حمل لواءها ما اشتهر بالمدرسة العقلية الحديثة، أو المدرسة السلفية الحديثة التي يقودها جمال الدين الأفغاني، والشيخ محمد عبده المصري والشيخ محمد رشيد رضا القلموني. وإن كان يختلف الناس فيهم إلا أن هذا الاختلاف يصل إلى حد التناقض. فهناك من يعدهم أئمة الإصلاح ولا يرضى عنهم بديلاً. وهناك من يعدهم عكس ذلك.
…ولعل هذه الرسالة المتخصصة بالشوائب في التفسير ترجح أن المدرسة العقلية الحديثة لا يصح أن توصف بالإصلاح والعمل لإنهاض المسلمين وإصلاح شأنهم. لأن الشوائب التي أدخلوها وثبتت عنهم تعد مناقضة لعقيدة الإسلام وللأحكام المنبثقة عنها. ومحاولة التوفيق بين الأمرين تدخل في دائرة جمع المتناقضات لأن التعارض يكاد يكون تاماً. وإلا فكيف نفسر نصيحة الشيخ محمد عبده للمسلمين أن ينخلعوا من دينهم ويسيروا مع الغرب؟ وكيف نفهم رسالة الشيخ محمد عبده لأستاذه جمال الدين الأفغاني، نحن على سنتك القويمة لا نقطع رأس الدين إلا بسيف الدين؟!.