…وفي هذه الرسالة عون لمن ينشد الحق في ظل الإسلام، لأنني ما ذكرت مثلبة، ولا كشفت عورة إلا مشفوعة بالدليل. وقد تتبعت مفاسد القوم من اعترافاتهم على أنفسهم وإن كانوا يتظاهرون بأنها حسنات، ويزعمون أنها القيم التي يجب أن يسعى لتحقيقها.
…ولعل من أهم النتائج التي توصلت إليها هو التستر في إدخال الشوائب في التفسير في القرن الرابع عشر الهجري بجمال الدين الأفغاني ومحمد عبده ومحمد رشيد رضا. وقد اتخذ الرموز من الباطنية ستاراً حديدياً يختفون وراءه فأظهروا الإسلام وأبطنوا غيره. وصارت التقية من المسلمين دثاراً يتزملون به. وحلت محل النفاق الذي سار عليه عبد الله بن أبي وعبد الله بن سبأ.
…وكذلك استبدال مصادر التشريع الإسلامي (الكتاب والسنة والإجماع والقياس) بالعقل والهوى وأفعال الرموز وأقوالهم. وحل مقياس المنفعة والمصلحة العقلية والواقع محل نصوص الوحي والحلال والحرام. فزعموا أن بقاء الفكرة واستمرارها دليل على صحتها.
…ومنها أيضاً الاختفاء وراء مصطلحات يتعذر بدونها فهم دعوة القوم على حقيقتها. وهم يدعون الناس لفهم مصطلحاتهم. وأنا أدعو كل مسلم لذلك. وقد أمطت اللثام عن بعضها في بحث الأساليب وبخاصة بحث تحريف المصطلحات. ومنها الدين والكفر والوطنية... الخ.
…بالإضافة إلى استخدام شعارات براقة خادعة لإدخال الشوائب منها الإصلاح، ومحاربة الإسرائيليات، والاجتهاد والتجديد، ومحاربة التقليد. والواقع كان منكوساً تماماً. فالإصلاح يعني: إصلاح شأن الكافرين وإفساد المسلمين. ومحاربة لإسرائيليات تعني: هدم السنة النبوية وهدم علم الجرح والتعديل وعلم الحديث برمته. والاجتهاد يعني: حرية الرأي والعقيدة على النمط الغربي. والتجديد يعني: تغيير معالم الدين. ومحاربة التقليد تعني: محاربة مقلدي الإسلام والمذاهب الفقهية. وأما مقلدو الكفر والكافرين فهم ناجون حتى غدا الكافر المجتهد في كفره خيراً من المسلم المقلد للمذاهب الفقهية.