…وأما الجمع الذي حصل زمن عثمان فهو نسخ ما كان مجموعاً في عهد أبي بكر وتعميمه في نسخ إلى الأمصار.
…وجمع القرآن من الأمور التي لا شك فيها عند المسلمين وهو برسمه الذي أوحى الله به. وكان يكتبه كتبة من الصحابة أمام رسول الله - ﷺ -، وكان يرشدهم أحياناً لكتابة بعض الكلمات على لغة قريش مثلاً. ودقة حفظ القرآن حتى يومنا هذا وإلى قيام الساعة يعود إلى أن الله تبارك وتعالى تعهد بحفظه ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ (١). على غير الكتب السماوية الأخرى حيث عهد للأقوام بحفظها، فوكل الأمر إلى أنفسهم، فحدث بها ما حدث. وأما القرآن الكريم فقد تعهد الباري عز وجل بحفظه. وهذه عقيدة عند المسلمين لا يتطرق إليها أدنى شك. وعليه فكلام دروزة والمستشرقين من الشوائب لا قيمة له.
عقيدة المسلمين أن ترتيب الآيات في السور توقيفي من الوحي. وهو أمر متواتر مقطوع بصحته لا مجال للاجتهاد فيه. ولذلك يرد قول د. الخطيب أن سورة النور تبدأ من الآية الثانية وأما الآية الأولى فهي بمثابة موسيقى تدق طبول الحرب أمام جحافل المجاهدين.
آيات القرآن وترتيبها في السور توقيفي بلغنا بالتواتر وعليه استبعد العلماء القراءات الصحيحة غير المتواترة من القرآن فكيف بما لم يصل إلى درجة الصحة؟ ولذلك فما زعم من القول بالنقيصة، أو عن طول سورة ثم قصرها، أو أن سوراً اختفت من القرآن كله شوائب لا نصيب للصحة فيه وهي شوائب ينبغي أن تمحى من آثار المسلمين.

(١) سورة الحجر، آية ١٠٩.


الصفحة التالية
Icon