ترتيب السور في القرآن فيه رأيان: الأول توقيفي، والثاني من إجماع الصحابة عليه. ومهما يكن من أمر فلا مجال لطرح فكرة إعادة طبع القرآن حسب ترتيب سور النزول كما نزع إليه بعض المفسرين في القرن العشرين ومنهم محمد عزت دروزة في التفسير الحديث، وعبد القادر ملاحويش في تفسير معاني القرآن. وهي من الشوائب وخطورة الموضوع تكمن في التشكيك بمصدر شريعتنا، من حيث صحة الوحي، ومن حيث نقلة التشريع، فيشكك بالتالي في معناها وتصبح شريعتنا على شفا جرف هار، لا مجال للإيمان بها لأنها قلقة، ولا تصلح للعمل بها لأنه مشكوك في أمرها والتدوين والوثوق به عامل مهم في ثقة الأجيال بصحة التشريع. والفضل كله لله تعالى في تعهده بحماية دينه.
٥- شوائب التفسير في مسألة النسخ في القرآن الكريم:
…يرى الشيخ محمد رشيد رضا أن لا نسخ في القرآن مطلقاً(١). وقال الدكتور عبد الكريم الخطيب: "إننا لا نسيغ القول أبداً بأن شيئاً منسوخاً من هذا القرآن الذي نقرؤه، ونتعبد به، إذ لا حكمة – مع هذا - لآيات كريمة نتلوها ونتعبد بتلاوتها، ثم لا نعمل بها، ولا نأخذها مأخذ الجد، في تحصيل الخير المشتمل عليه كيانها.
…إن النسخ معناه عزل الآيات المنسوخة عن الحياة، وإحالتها إلى "المعاش" وما الاحتفاظ بها في القرآن إلا كالاحتفاظ بجثث الأموات محنطة في توابيت!! وذلك مقام تنزه عنه كلام الله رب العالمين"(٢).

(١) مجلة المنار، م١٠، ٩/٦٨٦ تحت عنوان: (النسخ في الشرائع الإلهية). محمد رشيد رضا.
(٢) د. الخطيب، عبد الكريم محمود، التفسير القرآني للقرآن، م١، ١/١٦١. وانظر ص ١٥٢، ١٢٨، ١٥٠، ١٥١، ١٥٨، ١٥٩.


الصفحة التالية
Icon