…وقال: "ومع أن جل هذه الوسائل مما له صلة ببيئة النبي وعصره من جهة، والسيرة النبوية من جهة وبفهمها، وأن منها ما يتصل بالأسس والمبادئ من بعض النواحي كنتائج لها مثل الحياة الأخروية ومشاهدها وأهوالها ونعيمها وعذابها، والملائكة والجن ومعجزات الأنبياء مما يدخل في الغيبيات الإيمانية من جهة، ومع أنها قد شغلت حيزاً كبيراً أو بالأحرى الحيز الأكبر من القرآن فإن من فائدة هذه الملاحظة أن تجعل الناظر في القرآن يقف عند الأهداف والمبادئ، ويعتني العناية الكبرى بتجليتها وإبرازها ولا يحمل الوسائل والتدعيمات ما لا ضرورة لتحميلها إياه ولا يترك لها المجال لتطغى على تلك. وتكون شغلاً شاغلاً مستقلاً بحيث يستغرق فيها مثل استغراقه في الأسس فضلاً عن استغراقه أكثر من استغراقه في هذه مما هو واقع ومشاهد كالإشتغال مثلاً في ماهية القصص القرآنية، والنواميس الكونية، أو ماهية الملائكة والجن أو ماهية مشاهد الحياة الآخروية. وبحيث يغفل عن هدفها الرامي إلى تدعيم الأسس والأهداف ما يؤدي إلى إهمال التدبير بالجوهري والتورط فيما لا طائل من ورائه والوقوع في الحيرة والبلبلة دون ما ضرورة"(١).
مساند دروزة في تقسيمه القرآن إلى أسس ووسائل تدعيمية:
قال دروزة: "وننبه إلى أن هذا التقسيم بالمعنى الذي نقرره مستلهم بوجه عام من روح القرآن وأسلوبه وآياته"(٢). ولفت الأنظار إلى أن القصص والمواعظ والتنديد والإنذار لم تأت إلا بعد تقرير تلك الأسس والأهداف أو شيء منها والدعوة إليها.

(١) دروزة، محمد عزت، القرآن المجيد، ص ١٦١.
(٢) دروزة، محمد عزت، القرآن المجيد، ص ١٦١.


الصفحة التالية
Icon