لقد أحدث محمد عزت دروزة معنى للمحكم والمتشابه طوح به عقيدة الإسلام، ونسف به جل الأحكام الشرعية، فالإيمان بالله عنده من المحكم ولكن الإيمان بالحياة الأخروية من المتشابه. وكذلك تبديل نواميس الكون عند قيام الساعة من المتشابه وهكذا فقد هدم نصف العقيدة وهذه شوائب محضة لا تمت للتفسير بسبب ولا نسب.
إن معنى المصطلح في علم من العلوم يجب أن يلتزم للمحافظة على العلم نفسه فإحداث دروزة تقسيماً جديداً للمحكم والمتشابه من علوم القرآن الأسس والوسائل يؤدي إلى تغيير معالم هذا العلم. بل لا يجوز له أصلاً أن يستعمل المصطلح في غير ما وضع له. لأنه يقضي على لغة التخاطب والفهم – وهذه شائبة تدخل منها شوائب لا تحصى.
المساند التي توكأ عليها في استحداث هذا المعنى لمصطلح المحكم والمتشابه، غير مرئية، وغير منضبطة ويكتنفها الإبهام والغموض وهي روح القرآن وأسلوبه وآياته دون تحديد الآية(١) التي استنبط منها إن كان محقاً في استنباطه. وكذلك استلهامه المعنى من علماء ومفسرين أعلام وذكر الشيخ محمد رشيد رضا في تفسير المنار في الجزء الثالث. ومن البديهي أن قول المفسرين الأعلام ليس حجة فما بالك إذا كانوا ممن كان تفسيرهم تأسيساً للشوائب في القرن الذي نتحدث عنه؟! ثم ما زعمه أنه مسند وهو تطور التنزيل القرآني فهو فوق أنه جهل في اللغة حيث يطلق اللفظ على الجزء ويراد به الكل أو العكس، فإنه قياس قول الحق تبارك وتعالى على عمل الأدباء من البشر والتطوير في الأسلوب وقوته من الأدنى إلى الأعلى. وهذه مساند لا تسنده لا من قريب ولا من بعيد. ولا يدل ادعاؤها إلا على أن الرجل في خاطره خواطر يريد أن يضفي عليها ثوب الشرعية.