…الإجماع عند المسلمين هو المصدر الثالث من مصادر التشريع وهو ما اتفق عليه الصحابة الكرام أنه من لدن رسول الله - ﷺ - دون أن يرووا لنا نصاً بذلك، مثاله، تحديد فترة إباحة خلو منصب الخلافة وهو ثلاثة أيام. فقد مكث المسلمون ثلاثة أيام دون إمام لهم بعد وفاة الرسول - ﷺ -. ثم اختاروا أبا بكر وبايعوه. وتركوا الرسول - ﷺ - مسجىً في برده دون دفن، مع علمهم أن إكرام الميت الإسراع في دفنه. وأنه لا مخلوق أحق بالإكرام من رسول الله - ﷺ - ولكنهم رأوا أن اختيار إمام لهم أكثر وجوباً من دفن الرسول - ﷺ - فتحديد المدة كان بالإجماع من الصحابة. وهذا الإجماع يكشف عن وجود دليل في ذلك عندهم لم يرووه لنا. ومثله عندما طلب الصحابة من عمر أن يستخلف بعد طعنه: فقد حدد لهم ثلاثة أيام ليختاروا واحداً من الستة ثم عين خمسين صحابياً بسيوفهم لقتل المرشحين للخلافة إذا لم يتفقوا على اختيار خليفة منهم خلال المدة المضروبة – وهي ثلاثة أيام. فدل الإجماع على أن الأيام الثلاثة مدة شرعية كشف إجماع الصحابة عنها. وكل الآخذين بالإجماع يجمعون على أن إجماع الصحابة هو الأولى والأوجب الأخذ به. وهناك من قال إن الإجماع هو إجماع الأمة في عصر من العصور، وإن كنت لا أراه قد يقع في يوم من الأيام، ففيه اختلاف: هل المقصود به جميع الأمة؟ أو العلماء؟ ومن هم العلماء؟ هل هم علماء الفقه أو علماء الحديث أو علماء التفسير، أو علماء أصول الفقه؟ وهل هم العلماء المقربون من الحكام أو من سواهم؟ وهل هو في ظل الحكم بما أنزل الله أو في ظل غير ذلك؟!! ومهما يكن من أمر فإن الدكتور الخطيب جاء بأمر جلل فأعرض عن المصطلح الذي عليه عهد المسلمين وجاء بمعنى جديد وهو الرأي العام القائم في بلاد المسلمين التي ترزح تحت نفوذ الكافر المستعمر.