…ولا يستغرب الخبير بمعنى إصلاح القوم هذا الاقتراح لأن المشروع ظهر بعد خلع السلطان عبد الحميد من الحكم وشل عمل الخليفة ليصبح كالبابا ليس له إلا إقامة الصلوات والأدعية في النوازل ومباركة الأزواج في الخطوبة، وشهود صلاة القيام في رمضان، وقراءة القرآن في المناسبات.
تفنيد مزاعم الشيخ رشيد في إصلاح الخط العربي
رتب على الخط العربي مفاسد كثيرة أهمها جعل اللغة العربية وعلومها عسرة التحصيل. وكتابتها عرضه للغلط والتحريف. وهذا قول غريب أن يصدر ممن هو متمكن من اللغة العربية ومنهم الشيخ محمد رشيد رضا، لأن الخط العربي من وضع العرب الأقحاح قبل مجيء الإسلام وعلوم العربية وضعها المسلمون بعد نزول القرآن وبعد اتساع الفتوحات واختلاط الأعاجم بالعرب، وفساد اللسان العربي، فكانت علوم العربية لحفظ اللغة على استقامتها لتؤدي دورها في قراءة وفهم القرآن فهماً سليماً، فضلاً عن أن تكون لغة التخاطب، فعلوم العربية إذن جاءت لضبط اللغة وتسهيل اللغة على الناطقين بها. ثم هل يختار الله عز وجل لغة صعبة للناس كافة دوّن بها شرعه، وجعلها صحفاً مُنَشَّرة لغير الناطقين بها، ويحاسبهم في الآخرة حساباً عسيراً لعدم استجابتهم لما في هذا القرآن؟!
إن أي لغة في الدنيا من وضع أصحابها عرضة لأن يخطئ الناطقون بها قراءة وكتابة وتعبيراً، وهي تحتاج إلى تعلم ومداومة على استعمالها. وأي تقصير في ذلك تكون المسؤولية على المقصرين لا على اللغة نفسها. فكيف إذا كانت اللغة هي لغة الشرع الذي أنزله الله للناس كافة لينظموا علاقات الإنسان الثلاث على أساسه؟! ثم إن الأحرف المقترحة بحاجة إلى تعلم وإلى تدوين وإلى مثابرة على الحفظ وبحاجة إلى مبدأ لتكون لها رسالة تؤديها غير لغة التخاطب، فما زعمه عن اللغة العربية من مفاسد ترمى به الحروف التي افترضها فضيلته.