…ثم قال: "ولست أدري ما هو المانع من كون هذا العذاب يسمى أشد العذاب وإن كان هو في نفسه قليلاً كما يدل عليه ظاهر لفظ يذوقوا. وقد استعمل القرآن لفظ الذوق في العذاب كثيراً فاختياره مقصود وإنما يعرف الأشد بالقياس على غيره فمهما كان عذاب الآخرة فهو أشد من عذاب الدنيا"(١). وقال عند قوله تعالى: ﴿ لَّهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ ﴾ (٢) أي سواء كانت حسية أم معنوية(٣).
مما سبق ندرك:
أولاً: أن الشيخ رشيد نقل رأي الرازي (دون تفنيده) عمن سماهم حكماء الإسلام بأن العذاب روحاني وأنه أشد من العذاب الجثماني. وأن معنى العذاب الروحاني هو الحرمان من كمال العرفان الإلهي وهو الرضوان الأكبر.
ثانياً: أن المسلمين الذين يفرحون بما أوتوا لا تحسبنهم بمفازة من العذاب فقد سلط الله عليهم أمم الغرب الأوروبيين واستعمرتهم لأن المسلمين أهل باطل وفساد والأوروبيون على الحق والصلاح وهم يفضلون المسلمين أخلاقاً وأعمالاً وعدلاً وإصلاحاً واتباعاً لسنن الله في الاجتماع والسياسة. وأن العذاب هنا عذاب دنيوي.
ثالثاً: استشكال الأستاذ الإمام ينم عن أنه من الظلم أن تعذب الجلود التي لم ترتكب المعصية وهي الجلود المبدلة (الجديدة). وأزال الإشكال بجعل العذاب استعارة وليس على سبيل الحقيقة.
رابعاً: لا يستبعد عقلاً أن يكون النعيم والعذاب روحانيين. ويرى عدم الحاجة إلى إعادة الجلد أو الجسم الفاني أو المحروق.
خامساً: يرى تعارض النصوص في إعادة الأجسام بعينها بعد إعدامها. أو إعادة مثلها.
سادساً: لا يرى بأساً بالاعتقاد بالمعاد الجسماني أو الروحي.
سابعاً: لا يرى مانعاً من تسمية عذاب جهنم أشد العذاب وإن كان هو في نفسه قليلاً.
ثامناً: الأزواج المطهرة في الآخرة قد تكون مطهرة حسية أو معنوية.
تعقيب على تفسير أصحاب المنار:

(١) تفسير المنار، ٥/١٦٦.
(٢) سورة النساء، الآية: ٥٧.
(٣) تفسير المنار، ٥/١٦٧.


الصفحة التالية
Icon