…وأما الخامس والأخير فلا علم لنا به عند من يعتد بإسلامهم. والأدلة على نقيضه فلم تشفع التوبة لما عز ولا للجهنية ولا للغامدية برفع الحد عنهم وقد قال - ﷺ - عن الجهنية (لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم. وهل وجدت توبة أفضل من أن جادت بنفسها لله تعالى) (١). وقال عن ماعز (استغفروا لماعز بن مالك قال: فقالوا: غفر الله لماعز بن مالك، قال فقال رسول الله - ﷺ -: لقد تاب توبة لو قسمت بين أمة لوسعتهم). وقال عن الغامدية بعد أن سمع خالد بن الوليد قد سبها (مهلا يا خالد فوالذي نفسي بيده لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكسٍ لغفر له) (٢). وقد جاءت لرسول الله - ﷺ - تقول له إني قد زنيت فطهرني -فأمهلها حتى تلد ثم أتت بعد الولادة فأمهلها حتى ترضعه وتفطمه ثم جاءت بالصبي وفي يده كسرة خبز ثم أقام عليها الحد(٣). وهكذا فإن الندم والتوبة ماثلة للعيان من تكرار معاودتها وإصرارها على العقوبة حتى تتطهر من الذنب وتسقط عنها عقوبة الآخرة. وعليه فما أتى به طنطاوي جوهري بأن الحد يسقط بالتوبة شوائب لا تمت للتفسير بصلة.
(٢) رواه مسلم عن سليمان بن بريدة عن أبيه، م٦، ١١/٢٠١
(٣) رواه مسلم عن عبدالله بن بريدة عن أبيه، م٦ـ ١١/٢٠٣، وفي الحديث دلالة على عظم جرم صاحب المكس.