إن النصاب الذي يجري فيه قطع اليد في حد السرقة ثابت بنص الوحي ودلالته قطعية فلا مجال للاجتهاد فيه لا من الحاكم ولا من المجتهد ولا من غيرهما. ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ﴾ (١).
إن قاعدة تغير الأحكام بتغير الزمان من الشوائب التي لا تستند إلى دليل صحيح، وتعارض الأدلة القطعية التي تدل على ثبات الأحكام ودوامها من رسول الله - ﷺ - إلى قيام الساعة. مقياساً واحداً لجميع الخلق في كل زمان ومكان ضمن هذه الحقبة.
شوائب التفسير في عقوبة السرقة عند أبي زيد الدمنهوري:
…"واعلم أن لفظ السارق والسارقة يعطي معنى التعود. أي أن السرقة صفة من صفاتهم الملازمة لهم ويظهر لك من هذا المعنى أن من سرق مرة أو مرتين ولا يستمر في السرقة ولم يتعود اللصوصية لا يعاقب بقطع يده لأن قطعها فيه تعجيز له ولا يكون ذلك إلا بعد اليأس من صلاحه"(٢). وقد نشر أبو زيد هذا الرأي على صفحات الأهرام ١٤ مايو، ١٩٣١م. وقد أسند رأيه هذا إلى اللغة فقال: (ورأيي في السارق والسارقة والزاني والزانية مبني على اللغة التي تفرق بين الفعل والفاعل. وزعم أن اسم الفاعل يقتضي التكرار بعكس الفعل(٣).
(٢) الدمنهوري، محمد أبو زيد، الهداية والعرفان في تفسير القرآن بالقرآن، ص ٨٨.
(٣) المصدر السابق، وانظر جريدة الأهرام عدد ١٤ مايو ١٩٣١م.