قال الشيخ محمد أبو زيد الدمنهوري عند قوله تعالى ﴿ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ ﴾ (١): "يطلق هذا الوصف على المرأة والرجل إذا كانا معروفين بالزنا وكان عادتهما وخلقهما، فهما بذلك يستحقان الجلد"(٢).
بيان الشوائب في تفسير الدمنهوري:
جعل عقوبة الزنا للمحصن وغير المحصن على سواء. وهي الجلد مائة فقط.
جعل الزنا يطلق على من اعتاد الزنا وكانت له حرفة. واستثنى مَنْ دون ذلك.
الرد على هذه الشوائب:
أل في كلمتي الزانية والزاني تفيد الجنس أي جنس الزناة. وكل من زنا مرة واحدة يطلق عليه في اللغة هذا اللفظ. ومثله الطفل إذا خطا خطوة واحدة فيطلق عليه أنه مشى. وهكذا فقوله يعد مغايراً لمعهود العرب في اللغة. فضلاً عن مخالفته الشرع كما فعل الرسول - ﷺ - فأقام الحد على من اعترف بالزنا مرة واحدة وليس على من تكرر منه.
ذكر الذكورة والأنوثة يفيد التوكيد. وكان يكفي أن يذكر الزاني فقط لأن خطاب الذكر خطاب للأنثى. إلا ما كان خاصاً بالذكورة أو الأنوثة وعليه فيكون قوله مغايراً للقواعد اللغوية.
قوله يغاير القواعد الأصولية وهي أن المشتق إذا أعقبه فاء السببية فإنها تفيد علة الحكم ومنها ﴿ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ ﴾ (٣). ومنها ﴿ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا ﴾ (٤)، فالزنا علة الجلد والسرقة علة القطع. والعلة تدور مع المعلول وجوداً وعدماً.

(١) سورة النور، آية ٢.
(٢) الدمنهوري، محمد أبو زيد، الهداية والعرفان في تفسير القرآن بالقرآن، ص ٢٧٤.
(٣) سورة النور، آية ٢.
(٤) سورة المائدة، آية ٣٨.


الصفحة التالية
Icon