…ثم قال في حد الأمة: "ولما لم يرد في القرآن حد قابل للتنصيص إلا ما ذكر في آية النور فالمعقول أن تكون آية النساء قد نزلت بعد هذه الآية وعطفت عليها، والجمهور على أن حد الأمة المحصنة هو خمسون جلدة فيقتضي هذا أن يكون (الجلدة مائة) هو المحكم القرآني للزانية المحصنة الحرة"(١).
…هذا وقد رد أحاديث رجم الزاني المحصن بالعقل رغم أنها ورادة في الصحيحين. فقال عن حديث عبادة بن الصامت: خذوا عني، خذوا عني.
…"والمتبادر أن المعقول أن يكون هذا الحديث صدر قبل نزول آية النور بإلهام رباني للإجابة على سؤال، أو رفع حرج وإنهائه من إمساكهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت. لأنه لا تفهم حكمة صدوره في نفس الوقت الذي نزلت فيه الآية لأنها احتوت الحكم الموعود. ولا تفهم حكمة الزيادة على ما احتوته، ولا تفهم حكمة صدوره بعبارته المروية بعد نزولها لأن ما أريد التنبيه إليه قد نزل قرآنا، فإذا صح ما نقول تكن الآية قد نسخت من التشريع النبوي السابق عليها ما زاد على ما احتوته من تشريع عام للزنا إطلاقاً بدون تفريق بين محصنين وأبكار وهو جلد مائة جلدة"(٢).
…وقال: "وبقيت مسألة الأحاديث الأخرى التي تعين الرجم للزناة المحصنين والتي ذكرت بعض وقائع رجمهم، فقد يرد على البال أنها هي الأخرى قد صدرت قبل آية النور) (٣). وقد أوّل إجماع الصحابة والخلفاء الراشدين في رجم الزاني المحصن بأنه سنة سنها النبي - ﷺ - وأمر بتنفيذها بعد نزول سورة النور ومات دون أن ينسخها وهي بعد لا تتناقض مع النص القرآني الذي جاء مطلقاً، شأن سائر التشريعات النبوية بصدد ما سكت عنه القرآن أو ذكره مطلقاً والله أعلم"(٤).
(٢) التفسير الحديث، ١٠/١٠.
(٣) المصدر السابق، ١٠/١٠، والأحاديث هي رجم ماعز، والغامدية، واغديا أنيس.. الخ.
(٤) دروزة، محمد عزت، التفسير الحديث، ١٠/١١.