جعل الاضطرار علة جنسية في إيقاع العقوبة النبوية –على حد تعبيره- وهذا يفضي إلى أن الرجل الذي ابتلى بامرأة مريضة يعجز عن جماعها أن يزني فلا يُرجم، ومثله المرأة التي نكبت برجل مريض، ومثلهم المطلقة والأرملة. وكذلك الذكور ممن ينطبق عليهم هذا الوصف. وهذه شوائب لا علاقة لها بالتفسير ولا باللغة ولا بالشرع.
٣- قال د. مصطفى محمود: "وكذلك ﴿ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي ﴾ فقد ورد كلاهما في القرآن بآل التعريف. وآل التعريف تعني الرجل والمرأة الذين أخلدا إلى الزنا واتخذاه سلوكاً مختاراً، أو حرفة، أو حياة. ولا تعني رجلاً سقط ذات مرة في لحظة ضعف تحت إغراء عارض فقارف الزنا ثم ندم. فمثل هذا الرجل مثل هذه المرأة لا يذكران بألف التعريف. وإنما هي محض زان وزانية، وتطبق عليهما الآية الأخرى من سورة النساء ﴿ وَاللَّذَانَ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ تَوَّابًا رَّحِيمًا ﴾ (النساء: ١٦). ونوع الإيذاء هنا ودرجته متروك لولي الأمر"(١).
…ثم قال: "فإن عاود الإثنان الزنا واصطنعاه فإنهما يقعان تحت طائلة الآية الزاني والزانية ومما يؤكد هذا الفهم أن شرط إقامة الحد هو أن يشهد أربعة من شهود العيان على الزانية والزاني –يشهدون أنهم عاينوا الإدخال بالفعل.. وهو أمر لا يمكن أن يحدث إلا في بيت دعارة وعلى مستوى احتراف- لأن الذي يقارف الزنا في لحظة ضعف، وتحت إغراء عارض تختلسه اختلاساً من وراء العيون ولا يمكن أن يستعرضه أمام الجمهور، فالآية نزلت لتقيم الحد على داعر وداعرة محترفين وليس على مراهق غلبته غريزته في لحظة غواية. فهذا يكفي لردعه أن يترك لولي الأمر أن يؤدبه بالصورة التي تناسب درجة انحرافه. ا. هـ"(٢).
(٢) المصدر السابق، ص ٣٠.