…قال الشيخ محمد رشيد رضا: "واستعمال الآيتين(١) في الزنا واللواط هو الشائع كما نرى في الآيات عن قوم لوط وحينئذ يكون مفعوله حدثا كما في الآية التي نفسرها وما بعدها، ويكون شخصاً كما في قوله تعالى ﴿ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ ﴾ (٢) ثم قال: "لكننا إذا بحثنا في متن هاتين الروايتين كيفما كان سندهما نرى أنه لا يصح أن يكون ما جاء فيهما عملاً بهذه الآية إذ ليس في الآية إجازة لأخذ المهر بل الآيات قبلها وبعدها تحرم أكل الرجل شيئاً من حقوق المرأة. ثم إن ابن جبير قال إنهم كانوا يحبسونها في السجن. أي لا في بيتها، وصرح كل منهما بأن هذا كان في أول الإسلام، وبدئه فيؤخذ من هذا كله أنهم كانوا يفعلون ذلك بالاجتهاد أو استصحاب عادات الجاهلية لأنهم لم يلتزموا العمل بنص الآية ولا يظهر القول بأن الآية نزلت في أول الإسلام وبدئه فقد بينا أن السورة مدنية وأنها نزلت بعد غزوة أحد"(٣).
…وقال عند تفسير قوله تعالى ﴿ وَاللَّذَانَ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ ﴾ (٤) أي يأتيان الفاحشة وهي هنا الزنا في قول الجمهور. واللواط في قول بعضهم، وعليه أبو مسلم، والأمران معاً في قوله (الجلالين) (٥).
(٢) سورة النمل، آية ٥٥ ﴿ أإنكمْ لتَأتونَ الرِّجالَ شَهْوةً مِنْ دُون النِّساء بَلْ أنتُمْ قومٌ تَجْهَلونَ ﴾، وسورة العنكبوت آية ٢٩ ﴿ أإنكم لتأتونَ الرِّجالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبيل وتأتُونَ فِي نَاديكُمُ المُنْكَرَ ﴾.
(٣) رضا، محمد رشيد، تفسير المنار، ٤/٤٣٧.
(٤) سورة النساء، آية ١٦.
(٥) رضا، محمد رشيد، تفسير المنار، ٤/٣٧٤. وانظر ص ٤٣٥.