…وقال: "والظاهر أن آية النور نزلت بعد هذه وهي مبينة ومحددة للإيذاء هنا على القول بأن ما هنا في الزنا وإلا فتلك خاصة بحكم الزنا لأنها صريحة فيه، وهذه خاصة باللواط ولذلك اختلفت الصحابة ومن بعدهم في عقاب من يأتيه، وهذا ما اختاره أبو مسلم، وتخصيصه الفاحشة في هذه الآية باللواط الذي هو استمتاع الرجل بالرجل، والفاحشة فيما قبلها بالسحاق الذي هو استمتاع المرأة بالمرأة هو المناسب لجعل تلك خاصة بالنساء. وهذه خاصة بالذكور. فهذا مرجع لفظي يدعمه مرجع معنوي وهو كون القرآن عليه ناطقاً بعقوبة الفواحش الثلاث، وكون هاتين الآيتين محكمتين، والإحكام أولى من النسخ حتى عند الجمهور القائلين به"(١).
…وقال الشيخ محمد عبده: " وخالف الجمهور أبو مسلم في الآيتين فقال: إن الأولى في المساحقات والثانية في اللواط فلا نسخ، وحكمة حبس المساحقات على هذا القول هو أن المرأة التي تعتاد المساحقة تأبى الرجال وتكره قربهم –أي فلا ترضى أن تكون حرثاً للنسل- فتعاقب بالإمساك في البيت والمنع من مخالطة أمثالها من النساء إلى أن تموت أو تتزوج، وقال الشيخ رشيد: والأولى أن يقال إلى أن تموت، أو تكره السحاق وتميل إلى الرجال فتقبل على بعلها إن كانت متزوجة، وتتزوج إن كانت أيّما"(٢). ثم قال: "فالحق أن ما ذهب إليه أبو مسلم هو الراجح في الآيتين"(٣).
…وقال أبو زيد الدمنهوري: "واللاتي إشارة إلى فعلة النساء بعضهن مع بعض. واللذان إشارة إلى فعلة الذكر مع الذكر. ويبقى فعلة الذكر مع الأنثى تراها في الإسراء في ٣٢ وأوائل النور"(٤).
(٢) رضا، محمد رشيد، تفسير المنار، ٤/٣٣٩.
(٣) المصدر السابق نفسه.
(٤) الدمنهوري، محمد أبو زيد، الهداية والعرفان في تفسير القرآن بالقرآن، ص ٦٣.