…لقد ملأ تفسيره بالحديث عن الموسيقى، وتحدث عن صفة الموسيقى عند القدماء، وعن هيئتها عند علماء العصر الحاضر. فعن القديم تحدث عن فيثاغورس الفيلسوف أنه سمع مطارق حداد فأطربته رناتها فوزنها فكانت نسبتها هكذا: ٦، ٨، ٩، ١٢ فأتى بأوتار أربعة متساويات طولاً وسمكاً، وعلق فيها أثقالاً على هذه النسبة، فكانت مطربة مفرحة تشرح صدور البائسين. ثم ذكر ما في كتاب (إخوان الصفاء) أن أوتار العود لها نسب غير هذه. والأوتار عند القدماء أربعة وهي (الزير والمثنى والمثلث والبم) وهي مرتبة من أعلى إلى أسفل. وقد قالوا: إن وتر الزير مركب من ٢٧ طاقة من الحرير، والمثلث يزيد عليه فهو ٣٦ طاقة. والمثنى يزيد عليه ثلث فهو إذن ٤٨. والبم يزيد على ما قبله ثلث فيكون ٦٤ وبهذا انتظمت النغمات وابتهجت النفوس(١).
…وذكر نظيره في الموسيقى الحديثة مما ذكره في تفسير سورة مريم: "إدراك الإنسان للأصوات ينحصر في ١٠ دواوين أي أبعاد كلية موسيقية، فإذا ورد على الأذن ١٦ موجة في الثانية، فهذا أقل الأصوات ثم ٣٢-٦٤-١٢٨-٢٥٦-٥١٢-١. ٠٢٤-٢. ٠٤٨-٤. ٠٩٦-٨. ١٩٢-١٦. ٣٨٤ ومعنى هذا أن أسماعنا تفرح بنظام الحركات بأي شكل كان، ففي العود العربي القديم تفرح نفوسنا بالنظام على ازدياد الطاقات بالثلث ويكون ذلك منتظماً. وها هنا تفرح النفس بما تحس من نظام المتوالية الهندسية البديعة. فنفوسنا هي هي قديماً وحديثاً لا تفرح إلا بما هو منظم"(٢).
(٢) جوهري، طنطاوي، الجواهر في تفسير القرآن، م١٠، ٢/٣٠، تفسير سورة الشورى، وانظر تفسير سورة مريم، م٥، ١٠/٣٠-٣١.