إلا أن معظم ما تحمله العبارة من فائدة هو أن الاجتماع على قراءة نافع كان في أواخر القرن الثالث وأوائل القرن الرابع الهجري، لأن ابن خيرون توفي سنة ٣٠٦ هـ، أما قبل ذلك فقد غلبت القراءات الأخرى على قراءة نافع إلا عند بعض الخواص كما أسلفنا.
فلما اشتهر حرف نافع بالمغرب العربي صارت قراءة نافع ومذهب مالك عَلَمَين على ثقافة المغرب العربي في الفقه و في القرآن الكريم. وعلاقة المغرب العربي بقراءة نافع وثيقة، فهناك إشارة إلى أن من تلامذة نافع الذين رووا عنه كردم بن خالد التونسي(١)، إلى جانب أن بعض تلامذة نافع المشهورين دخلوا إفريقية في بداية القرن الثالث، وأخذ عنهم المغاربة قراءة نافع كأبي عبدالرحمن عبدالله بن يزيد المقرئ وأبي يحيى زكريا بن يحيى الوقار(٢).
مع وجود هؤلاء التلاميذ لنافع إلا أن قراءة نافع اشتهرت في المغرب العربي عن طريق غيرهم أكثر من اشتهارها عن طريقهم، ولعل ممن اشتهرت رواية نافع عنه عيسى بن مينا المدني الملقب بقالون وعثمان بن سعيد المصري الملقب بورش فهما وإن لم يشر إلى تتلمذ المغاربة عليهم مباشرة قد نقلت قراءتهم أو طريقهم عن طريق التلميذين من تلامذة ورش وهما يونس بن عبد الأعلى وداود بن طيبة(٣).
لقد اشتهرت قراءة نافع في المغرب العربي وقُعِّدَت قواعدها حتى صار مقرأ نافع كما عرف هو معتمد القراء.
٢ - التفسير :
لقي التفسير عناية فائقة في المغرب العربي كما لقيها في المشرق العربي وبحسبنا في ذلك أن أول تفسير موسع وصل إلينا هو تفسير يحيى بن سلام المتوفى سنة ٢٠٠ هـ، والذي يعد سابقاً لتفسير أبي جعفر محمد بن جرير الطبري المتوفى سنة ٣١١ هـ.
(٢) …انظر: القراءات بإفريقية من الفتح إلى منتصف القرن الخامس الهجري ص ٢٢٠
(٣) …المصدر السابق ص ٢٣٨.